يقوم دليل خاص من إجماع ونحوه على التبعيض في الاحتياط، كما في مورد الانسداد، واختار شيخه سقوط الاحتياط بمقدار يندفع به المحذور، فيجب الاحتياط بما لا يلزم معه المحذور، وإذا لزم المحذور رفع اليد عنه، والحاصل يسقط الموافقة القطعية دون الاحتمالية، والحق في ذلك أيضا مع الأستاذ (ره)، فان التكليف إذا كان فعليا في متعلقه الواقعي افتضح القطع بالموافقة، وإذا لم يجب القطع بالموافقة لم يكن التكليف فعليا في متعلقه، وليس التكليف بالاحتياط إلا تكليفا مقدميا لأجل إحراز الواقع لا تكليفا نفسيا حتى إذا تعذر الاحتياط التام وجب الاحتياط الناقص.
والحاصل: تعذر الاحتياط عقلا أو شرعا يزاحم بقاء التكليف بالواقع، فيسقط الاحتياط رأسا، لا أنه يزاحم وجوب الاحتياط حتى يكون مزاحمته بمقدار التعذر لا أزيد من ذلك.
واما الكلام في المقام الثالث: فالحق هو الرجوع في موارد الشك في ترتب محذور الحرج أو الضرر، على الاحتياط في الأطراف إلى أصالة البراءة، ولا يجوز التمسك بإطلاق خطاب دليل التكليف، لان الاطلاق المذكور بعد أن صار محكوما بأدلة نفي الحرج والضرر يسقط عن درجة الحجية بالنسبة إلى موارد الاشتباه في مصداق المخصص.
نعم، إذا بنينا على حجية العموم في الشبهة المصداقية جاز التمسك، لكن ذلك خلاف مختار المصنف، ومع ذلك فقد تمسك بها في المقام.
قوله: الرابع: انه انما يجب عقلا رعاية الاحتياط:
اعلم: ان مناط إلزام العقل بالاحتياط امران: الأول: العلم بالتكليف. الثاني: تردد متعلقه بين أمرين أو أمور، فيحكم العقل حينئذ بالاتيان بمجموع الامرين أو الأمور بلا تجاوز عن أطراف التردد إلى غيره، وإن كان ذلك الغير متحد الحكم مع بعض الأطراف. وعليه، فإذا علم إجمالا بوقوع قطرة واحدة من البول في هذا الاناء وقطرتين في إناءين آخرين، أو علم بوجوب صوم يوم من رجب أو يومين من شعبان، كان الاحتياط