حتى لو فرض كونه من دوران الامر بين المتباينين؟ اما الكلام في المقام الأول: فاعلم أن الأقل الذي هو طرف للعلم الاجمالي ليس هو ذات الأقل وهو الجنس الموجود في ضمن كل من الأقل بحد القلة والأكثر، بل هو الأقل بحد القلة الذي يباينه الأكثر، فيكون دوران الامر بين هذا الأقل والأكثر من دوران الامر بين المتباينين ولو باعتبار حديهما، وهو الأقل بشرط لا والأكثر، واما ذات الأقل اللا بشرط الموجود في ضمن كل من الأقل بشرط قطعا لا والأكثر، فهو ليس متعلقا للتكليف باليقين، بل المتعلق محدود بأحد حدين لا محالة.
واما الكلام في المقام الثاني، وهو حكم دوران الامر بين هذا النحو من المتباينين واختصاصه بحكم من كلية دوران الامر بين المتباينين وعدمه: فالحق ان هناك علمين إجماليين: علم إجمالي بالتكليف وآخر بالغرض، فاما العلم الاجمالي بالتكليف فهو منحل بالعلم التفصيلي بوجوب الأقل والشك البدوي في وجوب الزائد عليه، واما العلم الاجمالي بالغرض فهو باق على حاله، ولمكانه يجب الاحتياط.
اما انحلال العلم الاجمالي الأول فبيانه: ان العقل يحكم حتما بالاحتياط في كل مورد يحتمل التكليف المنجز، يعني يحتمل تكليف لا يقبح العقاب عليه، سوأ كان من أطراف العلم الاجمالي بالتكليف أو لم يكن، وفي مورد دوران الامر بين الأقل والأكثر احتمال التكليف في جانب الأقل، احتمال التكليف منجز، واحتمال التكليف كان بيانه تاما من قبل المولى، فإنه كفى بيانا للتكليف، الاعلام بأن الأقل واجب، واما بيان انه تمام الواجب فغير محتاج إليه، بل لو كان الأقل تمام الواجب في الواقع ولم يأت به المكلف مع هذا البيان لم يعد معذورا، و كانت الحجة من جانب المولى تامة، ولم يكن للعبد أن يعتذر بأنه لم يكن يعلم أنه كان تمام الواجب.
والحاصل: العلم الاجمالي بتكليف مردد بين الأقل والأكثر يكون بيانا منجزا لحكم الأقل، لو كان هو الواجب واقعا، وهذا المقدار كاف في إلزام العقل بإتيان