نهاية النهاية - المولى محمد كاظم الخراساني - ج ٢ - الصفحة ١٢٩
ولولا ذلك بأن كان الغرض من الطلب احداث الداعي لو لم يكن للمكلف داعي آخر، لزم أن لا يكون طلب لو كان للمكلف داعي آخر، أو يكون الطلب لغوا، وكلاهما باطل. لا يقال في المولى غير العالم بالعواقب يمكن القول بأن طلبه من باب الاحتياط، ولأجل احتمال أن لا يكون للعبد داعي نفساني، فيكون هذا داعيا له، فلا يكون طلبه لغوا، ويكون الطلب عاما للجميع، فإنه يقال: لازم ما ذكر أن لا يكون طلب وتكليف واقعا عند وجود داعي آخر، لان معنى الاحتياط هو ان تكليفه واقعا للاشخاص الذين لا داعي لهم، وحيث لا يعرف ذي الداعي عن غير ذي الداعي، وجه التكليف إلى الجميع، لاحتمال أن يكون الجميع من غير ذي الداعي، وإلا فلا تكليف بحسب الواقع بالنسبة إلى ذي الداعي.
ثم إن ما ذكره المصنف (ره) من: ان الغرض من النهي أن يكون داعيا حيث لا داعي لا ينتج ما أراد استنتاجه منه، وهو عدم صحة التكليف فيما لا ابتلا به عادة، بل هذه نتيجة ما ذكرناه من كون الغرض هو أن يكون النهي داعيا فعليا، فلو رفع اليد عن الدعوة الفعلية أمكن أن يقال: إن النهي فيما لا ابتلا به لغرض أن يكون داعيا حيث يبتلى به، ويكون عدم الابتلاء من قبيل وجود الداعي إلى الترك الغير المانع من توجه النهي فعلا.
قوله: كان الابتلاء بجميع الأطراف مما لا بد منه في تأثير العلم:
هذا الكلام عندي على إطلاقه غير مستقيم، ولنشر إلى ضابط العلم المؤثر في التنجيز، ثم نعقبه ببيان ضعف ما أطلقوه في المقام، فنقول:
كل علم تعلق بإرادة المولى إرادة يجب تنفيذها عقلا، فهو منجز لتلك الإرادة، والإرادة الواجب تنفيذها هي الإرادة الموجبة لبعث المولى وتحريكه نحو الفعل دون الإرادة الساذجة التي هي مادة الإرادة، وإلا فعنوان كونها إرادة، يتحقق بفعلية البعث والتحريك من قبل المولى، وفعلية البعث والتحريك انما يكون مع اجتماع شرائط التكليف، ومن جملتها القدرة، فغير المقدور الذي من افراده ما خرج عن ابتلا المكلف رأسا وكان تركه ضروريا له بحسب العادة لا يتعلق به التكليف، وعلى ذلك فلو علم إجمالا بتعلق إرادة المولى بين
(١٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 ... » »»