نهاية النهاية - المولى محمد كاظم الخراساني - ج ٢ - الصفحة ١٢٨
قوله: فإنه يقال: حيث إن فقد المكلف به ليس:
محصل ما أفاده في بيان الفرق، هو: ان دوران التكليف مدار متعلقه وجودا وعدما ليس من قصر التكليف وتقييده بالمتعلق، بل التكليف باق على إطلاقه، وانما التكليف بحسب الهوية يدور مدار المتعلق ولا يكون، ويتعلق بلا متعلق، فلا يكون المتعلق إلا محققا لحقيقة التكليف ومقوما لذاته لا محددا مخصصا لوجوده. وهذا بخلاف الاختيار المقابل للاضطرار، فإنه من قواسر التكليف ومقيداته الثابت بدليل رفع الاضطرار. وعلى ذلك فيكون العلم بالتكليف المردد بين طرفين يخرج أحدهما عن محل الابتلاء بعد زمان، علما بتكليف مطلق غير مقيد بقيد بخلاف العلم بالتكليف المردد بين طرفين، يضطر إلى أحدهما بعد حين، فإنه علم بتكليف لم يثبت إطلاقه، فلا يكون المعلوم أزيد من التكليف إلى زمان الاضطرار، وأثر هذا الفرق انه في الصورة الأولى حيث علم بتوجه تكليف مطلق، وجب الخروج عن عهدته يقينا، لان الشغل اليقيني يستدعي ذلك، وذلك لا يكون إلا بالاجتناب عن كلا الطرفين ما دام الابتلاء بهما باقيا، و عن الطرف المبتلى به عند خروج أحدهما عن محل الابتلاء. وفي الصورة الثانية حيث لم يعلم من ابتدأ الامر إلا بتكليف إلى حد طرو الاضطرار على أحدهما، فلا يجب عليه الاحتياط لا إلى هذا الحد، وبعد هذا الحد يرجع إلى البراءة.
ولا يخفى ما فيه، فإنه كلام صوري. فان كون الاضطرار من حدود التكليف دون فقد المتعلق لا يوجب الفرق بينهما في وجوب الاحتياط، لان واقع التكليف في كلتا الصورتين منقطع غير دائم، ومجرد كون الانقطاع لفقد الموضوع أو لحصول الحد لا يؤثر في حكم العقل، فإن كان شئ مؤثر فهو انقطاع التكليف المعلوم، يعني عدم العلم بدوامه، وهذا حاصل في الصورتين. فينبغي أن لا يجب الاحتياط فيهما، وإلا فينبغي أن يجب الاحتياط فيهما، بلا وجه للتفرقة والتفصيل.
قوله: لأجل أن يصير داعيا للمكلف نحو تركه لو لم يكن له داعي آخر:
بل الغرض من النهي، بل من مطلق الطلب، هو احداث الداعي مطلقا، حتى فيما هناك داعي آخر، ومقتضاه قلب الداعي إلى داعي الطلب فيما كان هناك داعي آخر،
(١٢٨)
مفاتيح البحث: النهي (1)، الوجوب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 ... » »»