البراءة بين أن يكون التكليف المحتمل تعيينيا أو تخييريا، وأيضا بين أن يكون عينيا أو كفائيا، فلو شك في وجوب شيئين تخييرا أو أباحتا أو وجوب شئ كفاية على جماعة أو إباحته لهم، فأدلة البراءة عقلا ونقلا تقتضي الإباحة في المقامين، ولو علم بوجوب شيئين أو أشياء وشك في التعيينية والتخييرية، كالكفارة المرددة بين كفارة الجمع وكفارة التخيير، أو علم بوجوب شئ على جماعة وشك انه على سبيل الكفاية، حتى يسقط بفعل أحدهم، أو على سبيل العينية فالاستصحاب يقتضي التعييني العيني، فإنه يشك في سقوط الوجوب عن أحد الأشياء أو عن أحد المكلفين بفعل الاخر أو بإتيان واحد، والأصل البقاء على صفة الوجوب وذلك كاف، في إلزام العقل بلا حاجة إلى إثبات حد الوجوب من التعيينية العينية، ودعوى ان البراءة جارية تنفي حدي التعينية والعينية، لأنه كلفة زائدة على أصل الوجوب، بل يمكن أن يقال: إن بيان العقاب لم يتم في الأول إلا بالنسبة إلى ترك الفعلين معا، كما أنه لم يتم في الثاني إلا بالنسبة إلى ترك جميع المكلفين. واما بالنسبة إلى ترك أحد الفعلين أو بعض المكلفين فلم يبين عقاب. والأصل يقتضي البراءة.
مدفوعة: بأن الاستصحاب بيان قاطع لأصالة البراءة ومن هنا يظهر حكم صورة أخرى، وهي ما إذا علم بوجوب أحد شيئين أو أشياء و شك في أنه عيني أو تخييري بينه وبين الشئ الآخر فيكون الشك في وجوب الشئ الآخر تخييرا أو علم وجوب شئ على شخص وشك في أنه واجب عيني كصلاة الميت على الولي أو كفائي بينه وبين غيره من المكلفين، وان الأصل البراءة عن وجوب ما شك في وجوبه أو الوجوب على من شك في وجوبه عليه. ونتيجة هذا الأصل أيضا تطابق الوجوب التعييني العيني، بل مقتضى استصحاب وجوب ما علم وجوبه أو الوجوب على من علم وجوبه عليه، وعدم سقوطه بفعل محتمل الوجوب أيضا، هو ذلك.
قوله: أو مع الحكم عليه بالإباحة شرعا:
لا يقال: هذا هو عين الوجه الأول، أعني البراءة عقلا ونقلا، فان التخيير بين الفعل والترك عقلا هو البراءة العقلية، فإذا