نهاية النهاية - المولى محمد كاظم الخراساني - ج ٢ - الصفحة ١٢١
موافقة المكلف إياه احتمالا باطل، فان التكليف ان ثبت وجب موافقته قطعا، كما أنه إن لم يمكن موافقته قطعا لم يثبت التكليف، بل كان ساقطا رأسا. وحضرة الأستاذ (ره) معترف بأن مقتضى القاعدة ذلك، ما لم يقم دليل خارجي من إجماع ونحوه على لزوم الموافقة الاحتمالية، الكاشف ذلك الدليل عن أن التكليف منجز في بعض احتمالاته، فهو على مبناه مطالب بالدليل على التخيير بين الفعل و الترك، وهو فإن لم يكن له ثمر في التوصليين، لكن له ثمرة في التعبديين أو التعبدي أحدهما، وقد استدل على ذلك ببطلان الترجيح بلا مرجح. ولا يخفى ان هذا الدليل انما يجدي في قبال من يرجح واحد من الفعل والترك على صاحبه، واما على ما اخترناه من الإباحة عقلا فلا أثر لهذا الاستدلال.
قوله: إذا كان كذلك هو التخيير عقلا:
بل الحكم فيهما على حذو التوصليين هو الإباحة وجواز ترك كليهما، ولا أثر لهذا العلم الاجمالي، وفي الحقيقة لا علم إجمالي بتكليف فعلي لعدم معقولية إلزام فعلي مردد بين الايجاب والتحريم، فان الالزام المذكور إذا لم يكن مؤثرا عقلا في تحريك العبد نحو جانب كان إلزامه محالا من المولى الحكيم، لكونه لغوا. وقد عرفت: ان التكليف بالواقع لغرض موافقته احتمالا، باطل.
قوله: بالنسبة إلى ما هو المهم في المقام:
فان المهم في المقام تعيين حكم ما تزاحم فيه احتمال حكمين إلزاميين من غير مدخلية، لعدم إمكان المخالفة القطعية وإمكانها. نعم، انما يجدي ذلك في عدم جواز إجراء البراءة الشرعية من الحكمين، لاستلزامه المخالفة العملية في هذا المقام على خلاف المقام السابق، لكن قد عرفت: ان البراءة العقلية جارية في المقام على حذو المقام السابق.
قوله: ولا يذهب عليك ان استقلال العقل بالتخيير:
لكن على ما اخترناه من حكم العقل بالإباحة لا فرق بين كون أحد المحتملين مقطوع الأهمية فضلا عن محتمل الأهمية وبين غيره، فان العقل حاكم بقبح العقاب في جميع الموارد، كما يحكم بقبحه في الشك البدوي كذلك، إلا إذا علم باهتمام الشارع بمثابة أوجب
(١٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 ... » »»