قوله: ولا يخفى انه مطلقا كذلك حتى فيما كان هناك حجة:
إطلاق حسن الاحتياط عقلا مع قيام الحجة على عدم الالزام بناء على جعل الحكم في مورد الامارات، كما في الأصول، دون مجرد جعل الحجية ممنوع، سوأ سلكنا مسلك السببية وحدوث المصلحة على وفق ما قامت عليه الامارة، أو اخترنا مسلك الطريقية. اما على الأول فواضح، فان مناط الواقع بمزاحمة ما حدث بقيام الامارة من المناط صار كأن لم يكن، ومع ذلك فما معنى الاحتياط؟ واما على الثاني:
فلان الشارع إذا أباح ما إباحته الامارة، ولو على وجه الطريقية، في الفعل ملاك الإباحة البتة، كائنا ما كان هذا الملاك، ومعه: أي معنى يبقى للاحتياط، وهل فرق بين هذا المباح والمباحات الواقعية؟ بل أقول: حتى على مسلك جعل الحجية، لا معنى للاحتياط، فان الشارع برأفته على عباده إذا نصب لهم حجة، لكي لا يقعوا في ضيق تحصيل الواقع، كان تتبع وراء ذلك الطريق، من التضييق على النفس، الذي ربما لا يرضى الشارع به، وإن أدركوا به مصالح الواقعيات لا ان كونهم في وسع، أحب إليه من درك تلك المصالح، وفي الحديث (لعن الله الخوارج بتضييقهم على أنفسهم) و (ان الدين أوسع من ذلك).
إن قلت: هذا بالنسبة إلى حكم العقل، واما الأدلة النقلية الدالة على حسن الاحتياط فلا مانع من شمول إطلاقها لموارد قيام الحجة.
قلت: عنوان الأدلة النقلية هو الاحتياط في الدين، سوأ وقع التصريح بهذا العنوان فيها أو لم يقع، وما قامت عليه الحجة هو الدين، والاخذ به أخذ بحقيقة الدين، لم يفت منه شئ من الدين.
قوله: ترجيح بعض الاحتياطات احتمالا أو محتملا:
فيختار للاحتياط موارد قوة احتمال التكليف فيها، بلغ مرتبة المظنة أو لا على موارد ضعف احتماله، وكذلك موارد احتمال التكليف المهمة على موارد احتمال التكاليف الغير المهمة، ومع الدوران بين رعاية قوة الاحتمال وقوة المحتمل يتخير.
ثم إنه بقي أمر لم يشر إليه المصنف الأستاذ (ره) وهو: انه لا فرق في جريان