نهاية النهاية - المولى محمد كاظم الخراساني - ج ٢ - الصفحة ١١٩
انضم إلى الحكم بالإباحة شرعا صار الحكم هو البراءة عقلا ونقلا، وهو الوجه الأول، فإنه يقال: التخيير بين الفعل والترك ليس بمناط قبح العقاب بلا بيان لما سيجئ من عدم قصور البيان، فان البيان يشمل البيان الاجمالي، وهو هنا حاصل، بل البيان بالنسبة إلى جنس الالزام تفصيلي، بل بمناط عدم الترجيح بينهما وبطلانه بلا مرجح.
والحق في المسألة هو البراءة عقلا فقط عكس ما اختاره المصنف (ره)، فان موضوع حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان هو عدم البيان المحرك نحو الفعل أو الترك المصحح للعقاب وهذا العدم هنا حاصل فان البيان الاجمالي المردد بين الايجاب والتحريم لا يكون محركا نحو شئ منهما في حكم العقل، فلا يكون مجوزا للعقاب، فيكون وجوده كعدمه، ويكون العقل على حكمه الأصلي من قبح العقاب بلا بيان، وإن ضايقت من ذلك قلنا: للعقل حكم آخر بقبح العقاب، وذلك في موضوع البيان الاجمالي للالزام، بل العقاب على خصوص كل من الفعل أو الترك مستندا إلى هذا البيان الاجمالي أقبح من العقاب معترفا بعدم البيان رأسا، واما أدلة البراءة النقلية فموضوعها أو منصرفها ما لم يعلم فيه بإلزام اما بالفعل أو الترك، وهنا قد علم فيه ذلك، فظهر ان أصالة التخيير، أعني كون الحكم عند دوران الامر بين وجوب شئ وحرمته، هو ما اختاره المكلف لنفسه منهما باطل لم يقم عليه دليل، بل الدليل قائم على البراءة مضافا إلى أنه غير معقول، فان الايجاب والتحريم من فعل الغير، وهو الشارع، فكيف يتعلق به اختيار المكلف، مضافا إلى أن تبعية الاختيار ينافي حقيقة التكليف، الذي هو القهر والاكراه، إلا أن يقال: إن جنس الالزام يكون بالقهر، وإن كان كل من حديه بالاختيار، هذا مع أنه يحتاج إلى تكليف آخر باختيار أحد الحكمين في حق نفسه وإلا فله أن لا يختار شيئا منهما، فلا يكون في حقه شئ من الحكمين، بل لو التزمنا بهذا التكليف أيضا كان في صورة عصيان واحد لهذا التكليف، لعدم توجه التكليف إيجابا، وتحريما بالنسبة إلى الواقع لفرض عدم اختياره.
(١١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 ... » »»