واما التخيير بين الروايتين فليس معناه ان ما يختاره المكلف للحجية فيهما يكون هو الحجة، ليكون نظير المقام في عدم المعقولية، بل معناه ان ما يختاره للعمل يكون هو الحجة، وليس يمكن نظيره في المقام بأن يقال: إن ما يختاره المكلف من الفعل والترك يكون هو المتعين في حقه، فيجب باختياره للفعل ويحرم باختياره للترك، فان ذلك غير معقول إذ الاختيار علة لحصول الامتثال في الخارج، المتأخر عن الحكم، فكيف يصير علة للحكم أيضا المستلزم لا أن يكون الحكم وامتثاله في مرتبة واحدة معلولان للاختيار قوله: وشمول مثل كل شئ لك حلال:
فيه منع الشمول، فان منصرف الرواية هو حل محتمل الحل والحرمة، والمراد من الحل في الموردين هو بالمعنى الأخص دون الحل المجامع للوجوب، فيكون مفاد الرواية إباحة محتمل الإباحة والحرمة. والمصنف أخذ بالظهور الأول وأنكر ما ادعيناه من الانصراف، و لكن الناظر في الاخبار يكاد يقطع بأنه ليس في شئ منها التعرض لحكم المقام.
قوله: وأين ذلك مما إذا لم يكن المطلوب:
العبارة لا تخلو عن تشابه، والمقصود، هو إبدأ الفارق بين المقام وبين تعارض الخبرين باشتمال كل من الخبرين على شرائط الحجية ومناط الطريقية، غاية الأمر، التعارض عن الاخذ بهما بخلاف المقام الذي لا مقتضى إلا في جانب أحد الحكمين، فلا يكون التخيير هناك مستلزما للتخيير هنا، لاختلاف الموضوع.
قوله: ولا مجال هاهنا لقاعدة قبح العقاب بلا بيان:
قد عرفت: ان له مجال واسع وان المراد بالبيان فيهما هو البيان المصحح للعقاب وليس البيان الاجمالي، وإن كان بيانا مصححا للعقاب، مع انا لو سلمنا عدم المجال لهذه القاعدة هاهنا فلا ينبغي أن يرتاب ان العقاب في المقام أيضا قبيح، بل أقبح من موارد عدم البيان رأسا، فان الاستناد في العقاب على خصوص الفعل أو على خصوص الترك على بيان جنس الالزام بالأعم من الوجوب و الاستحباب أقبح من العقاب بلا بيان أصلا.
قوله: والموافقة الاحتمالية حاصلة:
قد بينا في محله ان التكليف بشي