التحرز حتى يعلم بالتدارك، ولا علم بالتدارك قبل قيام دليل شرعي على الإباحة.
قوله: فإنه معه لا مجال لها أصلا، لوروده عليها:
تقدمه عليها يكون من جهتين: من جهة انه في رتبة السبب، والأصل في السبب عندهم مقدم على الأصل في المسبب.
ومن جهة انه استصحاب، الاستصحاب عندهم مقدم على أصالة البراءة، ولو في موضوع واحد. وتحقيق الكلام في التقدمين يطلب من تنبيهات مسألة الاستصحاب.
قوله: فلا تجري مثلا أصالة الإباحة:
اعلم: ان للتذكية أعمالا صورية من فري الأوداج والتسمية والاستقبال، وكون آلة الذبح جديد أو الذابح مسلما، وخصوصية أخرى معنوية قائمة بالحيوان. ولذا تقع هذه الأعمال بعينها في حيوان ولا تجدي شيئا، وليس وجهه إلا فقد تلك الخصوصية، فالأعمال بخصوصية كذا مؤثرة في الحل والطهارة أو في الطهارة فقط، فإذا شككنا بالشبهة الحكمية في اعتبار فعل أو صفة، ككون الذابح مسلما، أو في وجود الخصوصية في حيوان، أعني كون الحيوان حلال الاكل، أو شككنا بالشبهة الموضوعية في تحقق فعل من الافعال المعتبرة، أو في كون الحيوان ذلك الحيوان الحلال الاكل أو الاخر الحرام الاكل، كان استصحاب عدم التذكية، أعني عدم تلك الأفعال بخصوصيتها موجبا لادراج الحيوان في غير المذكى، المحكوم عليه بالحرمة. ولا يبقى مجال الرجوع إلى أصالة الإباحة، والعلم بتحقق الافعال جميعا عند الشك في وجود الخصوصية، لا يكون مانعا من الرجوع إلى الأصل في الافعال، مقيدة بتلك الخصوصية، كما لا يمنع العلم بتحقق الافعال المعلوم دخلها من الرجوع إلى الأصل في مجموع ما هو الدخيل واقعا عند الشك في اعتبار فعل آخر مضافا إلى ما علم، ويمكن أن يقال: إن الشك إذا كان في اشتمال الحيوان على تلك الخصوصية ثم قطع بتحقق سائر ما يعتبر في التذكية، لم يكن مجال الرجوع إلى أصالة عدم التذكية، لان تلك الخصوصية كسائر الخصوصيات المنبعثة عنها الاحكام، من قبيل مناط الحكم وعلته، وليست