نهاية النهاية - المولى محمد كاظم الخراساني - ج ٢ - الصفحة ١١٥
هو قضية الفاء التفريعية في قوله (فعمله) فتطابق الصحيحة باقي الاخبار المصرحة بذلك، ودعوى ان ثواب الانقياد لا يلزم أن يكون هو الثواب البالغ بعينه، مع أن ظاهر الصحيحة ترتب الثواب البالغ بعينه. مدفوعة: بأن تعيين ذلك المقدار لعله يكون تفضلا من الله تعالى.
قوله: بداهة ان الداعي إلى العمل لا يوجب له وجها:
اعلم: ان هناك احتمالات ثلاث: كون الثواب على نفس العمل، كسائر المستحبات، وكونه على الانقياد والقصد، وكونه على العمل، بعنوان الاحتياط، والمدعى هو الأول، فيلزم إبطال الأخيرين ليتعين به ذلك، فأبطل كونه على القصد، بظهور الصحيحة، في كون الثواب على نفس العمل، وأبطل كونه على العمل، بعنوان الاحتياط، لا على نفس العمل بهذه العبارة. وحاصلها: ان عنوان الاحتياط عنوان مترتب على الداعي الخاص، أعني قصد إتيان الفعل برجاء الثواب، والعنوان المترتب على الداعي، والقصد لا يكون مقصودا لان العنوان المتعلق به القصد لا بد أن يكون سابقا على القصد، وهذا لا حق، فإذا لم يكن مقصودا لم يكن يعقل ترتب الثواب عليه، لان الثواب لا يكون على أمر غير مقصود، فلا بد أن يكون الثواب على ذات العمل المتعلق به القصد، وهذا هو المقصود، ولا يخفى ما فيه. فان الثواب على جرم العمل وذاته مما لا يكون حتى في سائر المستحبات، بل لا بد في استحقاق الثواب وقوع الفعل بعنوان الامتثال، وظاهر هذه الأخبار، حتى الصحيحة، كفاية الاتيان على وجه الرجاء واحتمال الواقع في ترتب الثواب وعدم اعتبار القصد إلى الامتثال الجزمي، وهذا لا يقتضي استحباب العمل البالغ عليه الثواب، فلعل الثواب من جهة كون الفعل انقياد، كما هو الظاهر الذي لا يبقى فيه الريب بعد التأمل في الاخبار، ومع ذلك فالفتوى باستحباب العمل يكون بلا مدرك.
نعم، ظاهر قوله عليه السلام: (أوتيه وإن لم يكن الامر كما بلغه) يعطي ان إيتاء الثواب في صورة الخطأ من باب التفضل، وهذا مما يدل على أن الثواب على نفس العمل، وإلا فثواب الانقياد ليس من باب التفضل، وفيه: ان الثواب على نفس
(١١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 ... » »»