في موضوعه، ليكون ترتب الحكم عليه ترتبا شرعيا، ويجري الأصل فيها نفيا وإثباتا، ولو بمعنى جريان الأصل في المركب المقيد بها، فيقال: لم تكن الافعال المقيدة بوقوعها في المحل القابل، واقعة حين لم يقع فعل، وهو إلى الان وبعد وقوع جميع الأفعال غير واقع، و لو لأجل عدم قيدها.
نعم، المأخوذ في موضوع الحكم، نفس الافعال، فهذه الافعال موضوع الحكم بالطهارة والحلية في حيوان، لوجود مناط الحكم في ذلك الحيوان، وليس موضوعا للحكم في حيوان آخر، لعدم وجود مناطه فيه.
ثم إن ما ذكرنا يسد باب الأصل الموضوعي، واما استصحاب حرمة أكل لحم الحيوان من حال حياته، بناء على حرمة أكل الحيوان حيا، و بناء على أن الحياة والممات حالان للموضوع لا يختلف بهما الموضوع، فهو جار، ولا يبقى معه مجال الرجوع إلى البراءة لتقدم الاستصحاب عندهم على أصالة البراءة.
قوله: فأصالة الإباحة فيه محكمة:
لا فرق في جريان أصالة عدم التذكية بين المقام والفرض السابق، فان صح جريانها هناك جرت هاهنا أيضا، والعلم بقبول الحيوان للتذكية المؤثرة في الطهارة يجتمع مع الشك في قبوله للتذكية المؤثرة في الحل، فيجري أصالة عدم تلك التذكية الخاصة المؤثرة في الحل والطهارة جميعا، وإن علم بتحقق التذكية المؤثرة في الطهارة، فللتذكية مرتبتان: تذكية ذات أثر واحد، وأخرى ذات أثرين، و كلتاهما عبارتان عن أفعال مخصوصة مع خصوصية في المحل، واختلاف الاثرين منشأه اختلاف الخصوصيتين، وإلا فأصل الافعال مشتركة بينهما، فكما إذا شككنا في اشتمال الحيوان على خصوصية، يوجب تأثير وقوع الافعال عليها الحل والطهارة، يرجع إلى أصالة عدم التذكية، كذلك إذا شككنا في اشتماله على خصوصية، توجب تأثير الافعال فيه الحل، مع العلم باشتماله على خصوصية، توجب تأثيرها فيه الطهارة، يرجع إلى أصالة عدم التذكية، والعلم بوقوع التذكية عليه بالمعنى الأخير لا يمنع من الرجوع إلى أصالة عدم التذكية بالمعنى الأول.