مع الساجدين، قال يا إبليس مالك ألا تكون مع الساجدين، قال لم أكن لأسجد لبشر خلقته من صلصال من حمأ مسنون، قال فاخرج منها فإنك رجيم وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين).
وقد ذكرت الكتب المقدسة قصة آدم وما جرى من مخالفته لأمر ربه وهبوطه إلى الأرض، وهي قصة تدل بوضوح على أن الشجرة المحرمة ووسوسة الشيطان لآدم بالاكل منها ثم إبداء الندم وطلب المغفرة إنما كانت التجربة البشرية المستمرة التي قدرها الله لعباده في هذه الدنيا ما دامت السماوات والأرض ليبتلى الخلق أيهم أحسن عملا، وكان القرآن أصدق الحديث عن قصة آدم عليه السلام.
نظرة عابرة في عالم الانسان وصف بعض العلماء القدماء الانسان بأنه عالم أصغر انطوى فيه العالم الأكبر حسا ومعنى، وشبهوا جسده بأنه كالأرض وعظامه كالجبال وجوفه كالبحر وأمعاؤه كالأنهار وعروقه كالجداول وشعره كالنبات، وهذا تشبيه عادى لاظهار حالته الموافقة لصورة الأرض، أما حالته المعنوية والنفسية والروحية فقد ورد في القرآن الكريم آيات كثيرة تصفها وصف العليم الخبير بكل أحوالها ظاهرها وخافيها، وقد أجمل المولى سبحانه وصف طبائع الانسان فقال تعالى في سورة الأحزاب آية - 72: (إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الانسان إنه كان ظلوما جهولا) وتدل هذه الآية الكريمة على أن التكاليف من الواجبات التي يفرضها الدين ويأمر بها الشرع أمر صعب التنفيذ يخافه ويخشاه أقوى الأقوياء وتنوء بحمله الجبال على مكانتها وضخامتها إذا حاولت القيام به، ولكن الانسان على ضعفه وجهله غامر وحملها فظلم نفسه لأنه حملها ما لا تطيق حمله.