تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٧ - الصفحة ٧٠
واسمه وخز بن غالب وكان المشركون يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم: ابن أبي كبشة شبهوه به لمخالفته قومه في عبادة الأصنام، وذكر بعضهم أنه أحد أجداده عليه الصلاة والسلام من قبل أمه وأنهم كانوا يزعمون أن كل صفة في المرء تسري إليه من أحد أصوله فيقولون نزع إليه عرق كذا، وعرق الخال نزاع، وقيل: هو كنية وهب بن عبد مناف جده صلى الله عليه وسلم من قبل أمه، وقولهم له عليه الصلاة والسلام ذلك على ما يقتضيه ظاهر القاموس لأنه صلى الله عليه وسلم في الشبه الخلقي دون المخالفة، وقيل: كنية زوج حليمة السعدية مرضعته عليه الصلاة والسلام، وقيل: كنية عم ولدها ولكونها عبدت من دونه عز وجل خصت بالذكر ليكون ذلك تجهيلا لهم بجعل المربوب ربا، ولمزيد الاعتناء بذلك جيء بالجملة على ما نطق به النظم الجليل.
ومن العرب من كان يعظمها ويعتقد تأثيرها في العالم ويزعمون أنها تقطع السماء عرضا وسائر النجوم تقطعها طولا ويتكلمون على المغيبات عند طلوعها ففي قوله تعالى: * (وأنه هو رب الشعري) * إشارة إلى نفي تأثيرها.
* (وأنه أهلك عادا الاولى) *.
* (وأنه أهلك عادا الأولى) * أي القدماء لأنهم أولى الأمم هلاكا بعد قوم نوح كما قاله ابن زيد والجمهور، وقال الطبري: وصفت بالأولى لأن في القبائل * (عادا) * أخرى وهي قبيلة كانت بمكة مع العماليق وهم بنو لقيم بن هزال، وقال المبرد: عاد الأخرى هي ثمود، وقيل: الجبارون، وقيل: عاد الأولى ولد عاد بن إرم بن عوف بن سام بن نوح، وعاد الأخرى من ولد عاد الأولى، وفي " الكشاف " * (الأولى) * قوم هود والأخرى إرم، والله تعالى أعلم.
وجوز أن يراد بالأولى المتقدمون الأشراف؛ وقرأ قوم عاد الولي بحذف الهمزة ونقل ضمها إلى اللام قبلها، وقرأ نافع. وأبو عمرو - عادا لولي - بإدغام التنوين في اللام المنقول إليها حركة الهمزة المحذوفة، وعاب هذه القراءة المازني. والمبرد، وقالت العرب: في الابتداء بعد النقل - الحمر، ولحمر - فهذه القراءة جاءت على لحمر فلا عيب فيها، وأتى قالون بعد ضمة اللام بهمزة ساكنة في موضع الواو كما في قوله: أحب الموقدين إلى موسى وكما قرأ بعضهم على - سؤقه - وفيه شذوذ، وفي حرف أبي عاد غير مصروف للعلمية والتأنيث ومن صرفه فباعتبار الحي، أو عامله معاملة هند لكونه ثلاثيا ساكن الوسط.
* (وثمود فمآ أبقى) *.
* (وثمودا) * عطف على * (عادا) * ولا يجوز أن يكون مفعولا - لأبقى - في قوله تعالى: * (فما أبقى) * لأن - ما - النافية لها صدر الكلام والفاء على ما قيل: مانعة أيضا فلا يتقدم معمول مابعدها، وقيل: هو معمول - لأهلك - مقدر ولا حاجة إليه، وقرأ عاصم. وحمزة. - ثمود - بلا تنوين ويقفان بغير ألف. والباقون بالتنوين ويقفون بالألف، والظاهر أن متعلق * (أبقى) * يرجع إلى عاد وثمود معا أي فما أبقى عليهم، أي أخذهم بذنوبهم، وقيل: أي ما أبقى منهم أحدا، والمراد ما أبقى من كفارهم.
* (وقوم نوح من قبل إنهم كانوا هم أظلم وأطغى) *.
* (وقوم نوح) * عطف على * (عادا) * أيضا * (من قبل) * أي من قبل إهلاك عاد وذثمود، وصرح بالقبلية لأن نوحا عليه الصلاة والسلام آدم الثاني وقومه أول الطاغين والهالكين.
* (إنهم كانوا هم أظلم وأطغى) * أي من الفريقين حيث كانوا يؤذونه ويضربونه حتى لا يكاد يتحرك وكان الرجل منهم يأخذ بيد ابنه يتمشى به إليه يحذره منه ويقول: يا بني إن أبي مشى بي إلى هذا وأنا مثلك يومئذ فإياك أن تصدقه فيموت الكبير على الكفر وينشأ الصغير على وصية أبيه ولم يتأثروا من دعائه وقد دعاهم ألف سنة إلا خمسين عاما، وقيل: ضمير * (إنهم) * يعود على جميع من تقدم عاد، وثمود وقوم نوح أي كانوا أظلم من قريش وأطغى منهم، وفيه من التسلية للنبي عليه الصلاة والسلام
(٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 ... » »»