ليس لها من دون الله تعالى نفس كاشفة تكشف وقت وقوعها وتبينه لأنها من أخفى المغيبات، فالكشف بمعنى التبيين والآية كقوله تعالى: * (لا يجليها لوقتها إلا هو) * (الأعراف: 187) والتاء في * (كاشفة) * على جميع الأوجه للتأنيث، وهو لتأنيث الموصوف المحذوف كما سمعت، وبعضهم يقدر الموصوف حالا، والأول أولى؛ وجوز أن تكون للمبالغة مثلها في علامة، وتعقب بأن المقام يأباه لإيهامه ثبوت أصل الكشف لغيره عز وجل وفيه نظر، وقال الرماني. وجماعة: يحتمل أن يكون * (كاشفة) * مصدرا كالعافية، وخائنة الأعين أي ليس لها كشف من دون الله تعالى.
* (أفمن هاذا الحديث تعجبون) *.
* (أفمن هاذا الحديث) * أي القرآن * (تعجبون) * إنكارا.
* (وتضحكون ولا تبكون) *.
* (وتضحكون) * استهزاءا مع كونه أبعد شيء من ذلك * (ولا تبكون) * حزنا على ما فرطتم في شأنه وخوفا من أن يحيق بكم ما حاق بالأمم المذكورة.
* (وأنتم سامدون) *.
* (وأنتم سامدون) * أي لاهون كما روى عن ابن عباس جوابا لنافع بن الأزرق، وأنشد عليه قول هزيلة بنت بكر وهي تبكي قوم عاد: ليت (عادا) قبلوا الحق * ولم يبدوا جحودا قيل: قم فانظر إليهم * ثم دع عنك (السمودا) وفي رواية أنه رضي الله تعالى عنه سئل عن السمود، فقال: البرطمة وهي رفع الرأس تكبرا أي وأنتم رافعون رؤوسكم تكبرا، وروى تفسيره بالبرطمة عن مجاهد أيضا، وقال الراغب: السامد اللاهي الرافع رأسه - من سمد البعير في سيره - إذا رفع رأسه، وقال أبو عبيدة: السمود الغناء بلغة حمير يقولون: يا جارية اسمدي لنا أي غنى لنا، وروى نحوه عن عكرمة، وأخرج عبد الرزاق. والبزار. وابن جرير. والبيهقي في " سننه " وجماعة عن ابن عباس أنه قال: هو الغناء باليمانية وكانوا إذا سمعوا القرآن غنوا تشاغلا عنه، وقييل: يفعلون ذلك ليشغلوا الناس عن استماعه، والجملة الاسمية على جميع ذلك حال من فاعل - لا تبكون - ومضمونها قيد للنفي والانكار متوجه إلى نفي البكاء ووجود السمود، وقال المبرد: السمود الجمود والخشوع كما في قوله: رمى الحدثان نسوة آل سعد * بمقدار سمدن له (سمودا) فرد شعورهن السود بيضا * ورد وجوههن البيض سودا والجملة عليه حال من فاعل - تبكون - أيضا إلا أن مضمونها قيد للمنفى، والإنكار وارد على نفي البكاء والسمود معا فلا تغفل، وف حرف أبي. وعبد الله - تضحكون - بغير واو، وقرأ الحسن - تعجبون تضحكون - بغير واو وضم التاءين وكسر الجيم والحاء، واستدل بالآية كما في أحكام القرآن على استحباب البكاء عند سماع القرآن وقراءته، أخرج البيهقي في " شعب الايمان " عن أبي هريرة قال: " لما نزلت * (أفمن هذا الحديث) * الآية بكى أصحاب الصفة حتى جرت دموعهم على خدودهم فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم حنينهم بكى معهم فبكينا ببكائه فقال عليه الصلاة والسلام: لا يلج النار من بكى من خشية الله تعالى ولا يدخل الجنة مصر على معصيته ولو لم تذنبوا لجاء الله تعالى بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم " وأخرج أحمد في الزهد. وابن أبي شيبة. وهناد. وغيرهم عن صالح أبي الخليل قال: لما نزلت هذه الآية * (أفمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون ولا تبكون) * ما ضحك النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك إلا أن يتبسم " ولفظ عبد بن حميد " فما رؤى النبي عليه الصلاة والسلام ضاحكا ولا متبسما حتى ذهب من الدنيا " وفيه سد باب الضحك عند قراءة القرآن ولو لم يكن استهزاءا والعياذ بالله عز وجل. / * (فاسجدوا لله واعبدوا) *.