تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٧ - الصفحة ٢
سورة الذاريات مكية: كما روى عن ابن عباس. وابن الزبير رضي الله تعالى عنهما - ولم يحك في ذلك خلاف - وهي ستون آية بالاتفاق كما في كتاب العدد، ومناسبتها لسورة * (ق) * أنها لما ختمت بذكر البعث واشتملت على ذكر الجزاء والجنة والنار وغير ذلك افتتحت هذه بالأقسام على أن ما وعدوا من ذلك لصادق، وأن الجزاء لواقع، وأنه قد ذكر هناك إهلاك كثير من القرون على وجه الإجمال، وذكر هنا إهلاك بعضهم على سبيل التفصيل إلى غير ذلك مما يظهر للمتأمل.
* (والذاري‍ات ذروا) *.
بسم الله الرحم‍ان الرحيم * (والذاري‍ات ذروا) * أي الرياح التي تذروا التراب وغيره من - ذرا - المعتل بمعنى فرق وبدد ما رفعه عن مكانه.
* (فالح‍امل‍ات وقرا) *.
* (فالح‍امل‍ات وقرا) * أي حملا وهي السحب الحاملة للمطر.
* (فالج‍اري‍ات يسرا) *.
* (فالج‍اري‍ات يسرا) * أي جريا سهلا إلى حيث سيرت وهي السفن * (فالمقسم‍ات أمرا) *.
* (فالمقسم‍ات أمرا) * هي الملائكة الذين يقسمون الأمور بين الخلق على ما أمروا به، وتفسير كل بما به قد صح روايته من طرق عن علي كرم الله تعالى وجهه، وفي بعض الروايات أن ابن الكواء سأله عن ذلك وهو رضي الله تعالى عنه يخطب على المنبر فأجاب بما ذكر، وفي بعض الأخبار ما يدل على أنه تفسير مأثور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أخرج البزار. والدارقطني في " الافراد ". وابن مردويه. وابن عساكر عن سعيد بن المسيب قال: " جاء صبيغ التميمي إلى عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه فقال: أخبرني عن * (الذاريات ذروا) * قال: هي الرياح، ولولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله ما قلته، قال: فأخبرني عن * (الحاملات وقرا) * قال: هي السحاب ولولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله ما قلته، قال: فأخبرني عن * (الجاريات يسرا) * قال: هي السفن ولولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله ما قلته، قال: فأخبرني عن * (المقسمات أمرا) * قال: هي الملائكة ولولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله ما قلته ثم أمر به فضرب مائة وجعل في بيت فلما برأ دعاه فضربه مائة أخرى وحمله على قتل وكتب إلى أبي موسى الأشعري امنع الناس من مجالسته فلم يزالوا كذلك حتى أتى أبا موسى فحلف له بالايمان المغلظة ما يجد في نفسه مما كان يجد شيئا فكتب إلى عمر رضي الله تعالى عنه ما أخاله إلا قد صدق فخلى بينه وبين مجالسة الناس ".
ويدل هذا أن الرجل لم يكن سليم القلب وأن سؤاله لم يكن طلبا للعلم وإلا لم يصنع به عمر رضي الله تعالى عنه ما صنع.
وفي رواية عن ابن عباس أن - الحاملات - هي السفن الموقرة بالناس وأمتعتهم، وقيل: هي الحوامل من جميع الحيوانات، وقيل: الجاريات السحب تجري وتسير إلى حيث شاء الله عز وجل، وقيل: هي الكواكب
(٢)
الذهاب إلى صفحة: 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 ... » »»