تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٧ - الصفحة ٧٣
* (فاسجدوا لله واعبدوا) * الفاء لترتيب الأمر أو موجبه على ما تقرر من بطلان مقابلة القرآن بالتعجب والضحك وحقية مقابلته بما يليق به، ويدل على عظم شأنه أي وإذا كان الأمر كذلك فاسجدوا لله تعالى الذي أنزله واعبدوه جل جلاله، وهذه آية سجدة عند أكثر أهل العلم، وقد سجد النبي صلى الله عليه وسلم عندها.
أخرج الشيخان. وأبو داود. والنسائي. وابن مردويه عن ابن مسعود قال: " أول سورة أنزلت فيها سجدة * (والنجم) * فسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وسجد الناس كلهم إلا رجلا " الحديث.
وأخرج ابن مردويه. والبيهقي في السنن عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما " قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ النجم فسجد بنا فأطال السجود " وكذا عمر رضي الله تعالى عنه، أخرج سعيد بن منصوب عن سبرة قال: صلى بنا عمر بن الخطاب الفجر فقرأ في الركعة الأولى سورة يوسف، ثم قرأ في الثانية سورة النجم فسجد، ثم قام فقرأ إذا زلزلت ثم ركع، ولا يرى مالك السجود هنا، واستدل له بما أخرجه أحمد. والشيخان. وأبو داود. والترمذي. والنسائي والطبراني وغيرهم عن زيد بن ثابت قال: قرأت النجم عند النبي صلى الله عليه وسلم فلم يسجد فيها، وأجيب بأن الترك إنما ينافي وجوب السجود وليس بمجمع عليه وهو عند القائل به على التراخي في مثل ذلك على المختار وليس في الحديث ما يدل على نفيه بالكلية فيحتمل أنه عليه الصلاة والسلام سجد بعد، وكذا زيد رضي الله تعالى عنه، نعم التأخير مكروه تنزيها ولعله فعل لبيان الجواز، أو لعذر لم نطلع عليه، وما أخرجه ابن مردويه عن ابن عباس من قوله: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يسجد في شيء من المفصل منذ تحول إلى المدينة " ناف وضعيف، وكذا قوله فيما رواه أيضا عنه " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد في النجم بمكة فلما هاجر إلى المدينة تركها " على أن الترك إنما ينافي - كما سمعت - الوجوب، والله تعالى أعلم.
سورة القمر وتسمى أيضا * (اقتربت) * وعن ابن عباس أنها تدعى في التوراة المبيضة تبيض وجه صاحبها يوم تسود الوجوه، أخرجه عنه البيهقي في " شعب الإيمان " لكن قال: إنه منكر وهي مكية في قول الجمهور، وقيل: مما نزل يوم بدر، وقال مقاتل: مكية إلا ثلاث آيات * (أم يقولون) * (القمر: 44) إلى * (وأمر) * (القمر: 3) واقتصر بعضهم على استثناء * (سيهزم الجمع) * الخ، ورد بما أخرجه ابن أبي حاتم. والطبراني في الأوسط. وابن مردويه عن أبي هريرة قال: أنزل الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم بمكة قبل يوم بدر * (سيهزم الجمع ويولون الدبر) * (القمر: 45) وقال عمر بن الخطاب: قلت: يا رسول الله أي جمع يهزم؟ فلما كان يوم بدر وانهزمت قريش نظرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في آثارهم مصلتا بالسيف وهو يقول: * (سيهزم الجمع ويولون الدبر) * فكانت ليوم بدر، وفي " الدر المنثور: أخرج البخاري عن عائشة قالت: " نزل على محمد صلى الله عليه وسلم بمكة وإني لجارية ألعب * (بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر) * (القمر: 46) " ويرد به وبما قبله ما حكي عن مقاتل أيضا، وقيل: * (إلا أن المتقين) * الآيتين وآيها خمس وخمسون بالإجماع، ومناسبة أولها لآخر السورة التي قبلها ظاهرة فقد قال سبحانه: ثم * (أزفت الآزفة) * (النجم: 57) وهنا * (اقتربت الساعة) * (القمر: 1) وقال الجلال السيوطي: لا يخفى ما في توالي هاتين السورتين من حسن التناسق
(٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 ... » »»