* (وكم من ملك في السموات لا تغني شفاعتهم شيئا) * وإقناطهم عما طمعوا به من شفاعة الملائكة عليهم السلام موجب لإقناطهم عن شفاعة الأصنام بطريق الأولوية * (وكم) * خبرية مفيدة للتكثير محلها الرفع على الابتداء، والخير الجملة المنفية، وجمع الضمير في شفاعتهم مع إفراد الملك باعتبار المعنى أي وكثير من الملائكة لا تغني شفاعتهم عند الله تعالى شيئا من الإغناء في وقت من الأوقات * (إلا من بعد أن يأذن الله) * لهم في الشفاعة.
* (لمن يشاء) * أن يشفعوا له * (ويرضى) * ويراه سبحانه أهلا للشفاعة من أهل التوحيد والإيمان، وأما من عداهم من أهل الكفر والطغيان فهم من إذن الله تعالى بمعزل. وعنه بألف ألف منزل، وجوز أن يكون المراد إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء من الملائكة بالشفاعة ويراه عز وجل أهلا لها، وأيا ما كان فالمعنى على أنه إذا كان حال الملائكة في باب الشفاعة كما ذكر فما ظنهم بحال الأصنام، والكلام قيل من باب: على لاحب لا يهتدى بمناره فحاصله لا شفاعة لهم ولا غناء بدون أن يأذن الله سبحانه الخ، وقيل: هو وارد على سبيل الفرض فلا يخالف قوله تعالى: * (من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه) * (البقرة: 552)، وقرأ زيد بن علي شفاعته بإفراد الشفاعة والضمير، وابن مقسم شفاعاتهم بجمعهما وهو اختيار صاحب الكامل أبي القاسم الهذلي، وأفردت الشفاعة في قراءة الجمهور قال أبو حيان: لأنها مصدر ولأنهم لو شفع جميعهم لواحد لم تغن شفاعتهم عنه شيئا.
* (إن الذين لا يؤمنون بالاخرة ليسمون الملائكة تسمية الانثى) *.
* (إن الذين لا يؤمنون بالأخرة) * وبما فيها من العقاب على ما يتعاطونه من الكفر والمعاصي * (ليسمون الملائكة) * المنزهين عن سمات النقصان على الإطلاق * (تسمية الأنثى) * فإنهم كانوا يقولون الملائكة بنات الله سبحانه وتعالى عما يقولون، * (والملائكة) * في معنى استغراق المفرد فيكون التقدير ليسمون كل واحد من * (الملائكة تسمية الأنثى) * أي يسمونه بنتا لأنهم إذا قالوا ذلك فقد جعلوا كل واحد منهم بنتا، فالكلام على وزان كسانا الأمير حلة أي كسا كل واحد منا حلة، والإفراد لعدم اللبس، ولذا لم يقل تسمية الإناث فلا حاجة إلى تأويل الأنثى بالإناث ولا إلى كون المراد الطائفة الأنثى، وما ذكر أولا قيل: مبني على أن تسمية الأنثى في " النظم الجليل " ليس نصبا على التشبيه وإلا فلا حاجة إليه أيضا، وفي تعليق التسمية بعدم الإيمان بالآخرة إشعار بأنها في الشناعة والفظاعة واستتباع العقوبة في الآخرة بحيث لا يجترىء عليها إلا من لا يؤمن بها رأسا، وقوله تعالى:
* (وما لهم به من علم إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغنى من الحق شيئا) *.
* (وما لهم به من علم) * حال من فاعل * (يسمون) * وضمير به للمذكور من التسمية وبهذا الاعتبار ذكر، أو باعتبار القول أي يسمونهم إناثا، والحال أنهم لا علم لهم بما يقولون أصلا، وقرأ أبي بها أي بالتسمية، أو بالملائكة * (إن يتبعون) * أي ما يتبعون في ذلك * (إلا الظن) * أي التوهم الباطل * (وإن الظن) * أي جنس الظن كما يلوح به الإظهار في موقع الإضمار، وقيل: الإظهار ليستقل الكلام استقلال المثل.
* (لا يغني من الحق شيئا) * من الإغناء فإن الحق الذي هو عبارة عن حقيقة الشيء وما هو عليه إنما يدرك إدراكا معتدا به إذا كان عن يقين لا عن ظن وتوهم فلا يعتد بالظن في شأن المعارف الحقيقية أعني المطالب الاعتقادية التي يلزم فيها الجزم ولو لم يكن عن دليل، وإنما يعتد به في العمليات وما يؤدى إليها.
وفسر بعضهم الحق بالله عز وجل لقوله سبحانه: * (ذلك بأن الله هو الحق) * (الحج: 6)، واستدل بالآية من لم يعتبر