تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٧ - الصفحة ١٩٥
لكسرة ما قبلها وأدغمت النون في الياء بغير غنة، وروى ابن مجاهد عن الحسن - ليلا - مثل ليلى اسم المرأة * (يعلم) * بالرفع، ووجه بأن أصله - لأن لا - بفتح لام الجر وهي لغة وعليه قوله: أريد لأنسى ذكرها فكأنما * تمثل لي ليلى بكل سبيل فحذفت الهمزة اعتباطا وأدغمت النون في اللام فصار - للا - فاجتمعت الأمثال وثقل النطق بها فأبدلوا من اللام المدغمة ياءا نظير ما فعلوا في قيراط ودينار حيث أن الأصل قراط ودنار فأبدلوا أحد المثلين فيهما ياءا للتخفيف فصار - ليلا - ورفع الفعل لأن أن هي المخففة من الثقيلة لا الناصبة للمضارع، وروى قطرب عن الحسن أيضا - ليلا - بكسر اللام ووجهه كالذي قبله إلا أن كسر اللام على اللغة الشهيرة في لام الجر؛ وعن ابن عباس كي يعلم، وعنه أيضا لكيلا يعلم، وعن عبد الله. وابن جبير. وعكرمة لكي يعلم.
وقرأ عبد الله أن لا يقدروا بحذف النون على أن إن هي الناصبة للمضارع، والله تعالى أعلم.
ومما ذكره المتصوفة قدست أسرارهم في بعض آياتها: * (هو الأول والآخر والظاهر والباطن) * (الحديد: 3) قالوا: هو إشارة إلى وحدانية ذاته سبحانه المحيطة بالكل، وقالوا في قوله تعالى: * (وهو معكم أينما كنتم) * (الحديد: 4) إشارة إلى أنهم لا وجود لهم في جميع مراتبهم بدون وجوده عز وجل، وقوله تعالى: * (يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل) * (الحديد: 6) إشارة إلى ظهور تجلي الجلال في تجلي الجمال وبالعكس * (وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه) * (الحديد: 7) إشارة للمشايخ الكاملين إلى تربية المريدين بإفاضة ما يقوي استعدادهم مما جعلهم الله تعالى متمكنين فيه من الأحوال والملكات.
وقال سبحانه: * (اعلموا أن الله يحيي الأرض بعد موتها) * (الحديد: 17) لئلا يقنط القاسي من رحمته تعالى ويترك الاشتغال بمداواة القلب الميت * (فما رعوها حق رعايتها) * (الحديد: 27) أوردها الصوفية في باب الرعاية وقسموها إلى رعاية الأعمال والأحوال والأوقات - ويرجع ما قالوه فيها - على ما قيل - إلى حفظها عن إيقاع خلل فيها * (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته) * أي نصيبين نصيبا من معارف الصفات الفعلية ونصيبا من معارف الصفات الذاتية * (ويجعل لكم نورا) * من نور ذاته عز وجل وهو على ما قيل: إشارة إلى البقاء بعد الفناء، وقيل: هذا النور إشارة إلى نور الكشف والمشاهدة رتب سبحانه جعله للمؤمن على تقواه وإيمانه برسوله الأعظم صلى الله عليه وسلم، وقيل: هو نور العلم النافع الذي يتمكن معه من السير في الحضرات الإلهية كما يشير إليه وصفه بقوله عز وجل: * (تمشون به) * (الحديد: 28)؛ وفي بعض الآثار " من عمل بما علم علمه الله تعالى علم ما لم يعلم " وقال سبحانه: * (اتقوا الله ويعلمكم الله) * (البقرة: 282) وكل ذلك في الحقيقة فضل الله تعالى والله عز وجل ذو الفضل العظيم نسأله سبحانه أن لا يحرمنا من فضله العظيم ولطفه العميم وأن يثبتنا على متابعة حبيبه الكريم عليه من الله تعالى أفضل الصلاة وأكمل التسليم.
(١٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195