للتناسب في التسمية لما بين - النجم، والقمر - من الملابسة، وأيضا إن هذه بعد تلك - كالأعراف بعد الأنعام، وكالشعراء بعد الفرقان، وكالصافات بعد يس - في أنها تفصيل لأحوال الأمم المشار إلى إهلاكهم في قوله تعالى: * (وأنه أهلك عادا الأولى وثمود فما أبقى وقوم نوح) * إلى قوله سبحانه: * (والمؤتفكة أهوى) * ( النجم: 53).
* (اقتربت الساعة وانشق القمر) *.
* (اقتربت الساعة) * أي قربت جدا * (وانشق القمر) * انفصل بعضه عن بعض وصار فرقتين وذلك على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة بنحو خمس سنين فقد صح من رواية الشيخين. وابن جرير عن أنس أن أهل مكة سألوه عليه الصلاة والسلام أن يريهم آية فأراهم القمر شقتين حتى رأوا حراء بينهما، وخبر أبي نعيم من طريق الضحاك عن ابن عباس - أن أحبار اليهود سألوا آية فأراهم الله تعالى القمر قد انشق - لا يعول عليه، وفي " الصحيحين " وغيرهما من حديث ابن مسعود " انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرقتين فرقة على الجبل وفرقة دونه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اشهدوا " ومن حديثه أيضا " انشق القمر على عهد رسول الله عليه الصلاة والسلام فقالت قريش: هذا سحر ابن أبي كبشة فقال رجل: انتظروا ما يأتيكم به السفار فإن محمدا لا يستطيع أن يسحر الناس كلهم فجاء السفار فأخبروهم بذلك " رواه أبو داود. والطيالسي، وفي رواية البيهقي " فسألوا السفار وقد قدموا من كل وجه فقالوا: رأيناه " فأنزل الله تعالى: * (اقتربت الساعة وانشق القمر) *.
وأخرج أبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس من وجه ضعيف قال: " اجتمع المشركون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم الوليد بن المغيرة. وأبو جهل بن هشام. والعاص بن وائل. والعاص بن هشام. والأسود بن عبد يغوث. والأسود بن المطلب. وربيعة بن الأسود. والنضر بن الحرث فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: إن كنت صادقا فشق لنا القمر فرقتين نصفا على أبي قبيس ونصفا على قينقاع فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: " إن فعلت تؤمنوا؟ قالوا: نعم وكانت ليلى بدر فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه عز وجل أن يعطيه ما سألوا فأمسى القمر قد مثل نصفا على أبي قبيس ونصفا على قينقاع ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينادي يا أبا سلمة بن عبد الأسد. والأرقم بن الأرقم اشهدوا ".
والأحاديث الصحيحة في الانشقاق كثيرة، واختلف في تواتره فقيل: هو غير متواتر، وفي شرح المواقف الشريفي أنه متواتر وهو الذي اختاره العلامة ابن السبكي قال في شرحه لمختصر ابن الحاجب: الصحيح عندي أن انشقاق القمر متواتر وهو الذي اختاره العلامة ابن السبكي قال في شرحه لمختصر ابن الحاجب: الصحيح عندي أن انشقاق القمر متواتر منصوص عليه في القرآن مروى في " الصحيحين " وغيرهما من طرق شتى بحيث لا يمتري في تواتره انتهى باختصار، وقد جاءت أحاديثه في روايات صحيحة عن جماعة من الصحابة منهم علي كرم الله تعالى وجهه. وأنس. وابن مسعود. وابن عباس. وحذيفة. وجبير بن مطعم. وابن عمر. وغيرهم، نعم إن منهم من لم يحضر ذلك كابن عباس فإنه لم يكن مولودا إذ ذاك وكأنس فإنه كان ابن أربع أو خمس بالمدينة، وهذا لا يطعن في صحة الخبر كما لا يخفى، ووقع في رواية البخاري. وغيره عن ابن مسعود " كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى فانشق القمر " ولا يعارض ما صح عن أنس أن ذلك كان بمكة لأنه لم يصرح بأنه عليه الصلاة والسلام كان ليلتئذ بمكة، فالمراد أن الانشقاق كان والنبي صلى الله عليه وسلم إذ ذاك مقيم بمكة قبل أن يهاجر إلى المدينة، ووقع في نظم السيرة للحافظ أبي الفضل العراقي ما هو نص في وقوع الانشقاق مرتين، وظاهر في أنه مجمع على وقوعه كذلك حيث قال: وانشق مرتين بالإجماع، وكأن مستند الأول ما أخرجه