والنحاس كلاهما في الناسخ، وابن جرير. وابن المنذر. وابن مردويه، وتعقب أبو حيان رواية النسخ بأنها لا تصح لأن الآية خبر لم تتضمن تكليفا ولا نسخ في الأخبار. وما يتوهم جوابا من أنه تعالى أخبر في شريعة موسى. وإبراهيم عليهما السلام أن لا يجعل الثواب لغير العامل ثم جعله لمن بعدهم من أهل شريعتنا مرجعه إلى تقييد الأخبار لا إلى النسخ إذ حقيقته أن يراد المعنى، ثم من بعد ذلك ترتفع إرادته، وهذا تخصيص الإرادة بالنسبة إلى أهل الشرائع فافهمه، وقيل: اللام بمعنى على أي ليس على الإنسان غير سعيه، وهو بعيد من ظاهرها ومن سياق الآية أيضا فإنها وعظ للذي تولى وأعطى قليلا وأكدى، والذي أميل إليه كلام الحسين، ونحوه كلام ابن عطية قال: والتحرير عندي في هذه الآية أن ملاك المعنى هو اللام من قوله سبحانه: * (للإنسان) * فإذا حققت الشيء الذي حق الإنسان أن يقول فيه لي كذا لم تجده إلا سعيه وما يكون من رحمة بشفاعة، أو رعاية أب صالح، أو ابن صالح، أو تضعيف حسنات، أو نحو ذلك فليس هو للإنسان ولا يسعه أن يقول لي كذا وكذا إلا على تجوز، وإلحاق بما هو حقيقة انتهى.
ويعلم من مجموع ما تقدم أن استدلال المعتزلة بالآية على أن العبد إذا جعل ثواب عمله أي عمل كان لغيره لا يجعل ويلغو جعله غير تام؛ وكذا استدلال الإمام الشافعي بها على أن ثواب القراءة لا تلحق الأموات - وهو مذهب الإمام مالك - بل قال الإمام ابن الهمام: إن مالكا. والشافعي لا يقولان بوصول العبادات البدنية المحضة كالصلاة والتلاوة بل غيرها كالصدقة والحج، وفي " الأذكار " للنووي عليه الرحمة المشهور من مذهب الشافعي رضي الله تعالى عنه وجماعة أنها لا تصل، وذهب أحمد بن حنبل وجماعة من العلماء ومن أصحاب الشافعي إلى أنها تصل، فالاختيار أن يقول القارىء بعد فراغه اللهم أوصل ثواب ما قرأته إلى فلان، والظاهر أنه إذا قال ذلك ونحوه كوهبت ثواب ما قرأته لفلان بقلبه كفى، وعن بعضهم اشتراط نية النيابة أول القراءة وفي القلب منه شيء، ثم الظاهر أن ذلك إذا لم تكن القراءة بأجرة أما إذا كانت بها كما يفعله أكثر الناس اليوم فإنهم يعطون حفظة القرآن أجرة ليقرءوا لموتاهم فيقرءون لتلك الأجرة فلا يصل ثوابها إذ لا ثواب لها ليصل لحرمة أخذ الأجرة على قراءة القرآن وإن لم يحرم على تعليمه كما حققه خاتمة الفقهاء المحققين الشيخ محمد الأمين بن عابدين الدمشقي رحمه الله تعالى، وفي " الهداية " من كتاب الحج عن الغير إطلاق صحة جعل الإنسان عمله لغيره ولو صلاة وصوما عند أهل السنة والجماعة، وفيه ما علمت ما مر آنفا.
وقال الخفاجي: هو محتاج إلى التحرير وتحريره أن محل الخلاف العبادة البدنية هل تقبل النيابة فسقط عمن لزمته بفعل غيره سواء كان بإذنه أم لا بعده حياته أم لا فهذا وقع في الحج كما ورد في الأحاديث الصحيحة، أم الصوم فلا، وما ورد في حديث " من مات وعليه صيام صام عنه وليه " وكذا غيره من العبادات فقال الطحاوس: إنه كان في صدر الإسلام ثم نسخ وليس الكلام في الفدية وإطعام الطعام فإنه بدل وكذا إهداء الثواب سواء كان بعينه أو مثله فإنه دعاء وقبوله بفضله عز وجل كالصدقة عن الغير فاعرفه انتهى فلا تغفل.
* (وأن سعيه سوف يرى) *.
* (وأن سعيه سوف يرى) * أن يعرض عليه ويكشف له يوم القيامة في صحيفته وميزانه من أريته الشيء، وفي " البحر " يراه حاضرو القيامة ويطلعون عليه تشريفا للمحسن وتوبيخا للمسيء.
* (ثم يجزاه الجزآء الأوفى) *.
* (ثم يجزابه) * أي يجري الإنسان سعيه، يقال: جزاه الله عز وجل بعمله وجزاه على عمله وجزاه عمله بحذف الجار وإيصال الفعل، وقوله تعالى: