تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٧ - الصفحة ٦٩
يقال: أمنى الرجل ومنى بمعنى، وقال الأخفش: أي تقدر يقال منى لك الماني أي قدر لك المقدر، ومنه المنا الذي يوزن به فيما قيل، والمنية وهي الأجل المقدر للحيوان.
* (وأن عليه النشأة الاخرى) *.
* (وأن عليه النشأة الأخرى) * أي الإحياء بعد الإماتة وفاءا بوعده جل شأنه، وفي " البحر " لما كانت هذه النشأة ينكرها الكفار بولغ بقوله تعالى كأنه تعالى أوجب ذلك على نفسه، وفي الكشاف قال سبحانه: * (عليه) * لأنها واجبة في الحكمة ليجازي على الإحسان والإساءة وفيه مع كونه على طريق الاعتزال نظر، وقرأ ابن كثير. وأبو عمرو - النشاءة - بالمد وهي أيضا مصدر نشأة الثلاثي.
* (وأنه هو أغنى وأقنى) *.
* (وأنه هو أغنى وأقنى) * وأعطى القنية وهو ما يبقى ويدوم من الأموال ببقاء نفسه أو أصله كالرياض والحيوان والبناء، وإفراد ذلك بالذكر مع دخوله في قوله تعالى: * (أغنى) * لأن القنية أنفس الأموال وأشرفها، وفي " البحر " يقال: قنيت المال أي كسبته ويعدي أيضا بالهمزة والتضعيف فيقال: أقناه الله تعالى مالا وقناه الله تعالى مالا، وقال الشاعر: كم من غني أصاب الدهر ثرواته * ومن فقير (يقني) بعد إقلال أي يقني المال، وعن ابن عباس * (أغنى) * مول، و * (أقنى) * أرضى. وهو بهذا المعنى مجاز من القنية قتل الراغب: وتحقيق ذلك أنه جعل له قنية من الرضا والطاعة وذلك أعظم القنائن، ولله تعالى در من قال: هل هي إلا مدة وتنقضي * ما يغلب الأيام إلا من رضى وعن ابن زيد. والأخفش * (أقنى) * أفقر، ووجه بأنهما جعلا الهمزة فيه للسلب والإزالة كما في أشكى، وقيل: إنهما جعلا * (أقنى) * بمعنى جعل له الرضا والصبر قنية كناية عن ذلك ليظهر فيه الطباق كما في * (أمات وأحيا) * * (وأضحك) * * (وأبكى) * وفسره بأفقر أيضا الحضرمي إلا أنه كما أخرج عنه ابن جرير. وأبو اليخ قال * (أغنى) * نفسه سبحانه و * (أفقر) * الخلائق إليه عز وجل، والظاهر على تقدير اعتبار المفعول في جميع الأفعال المتقدمة أن يكون من المحدثات الصالحة لتعلق الفعل، وعندي أن * (أغني) * سبحانه نفسه كأوجد جل شأنه نفسه لا يخلو عن سماجة وإيهام محذور، وإنما لم يذكر مفعول لأن القصد إلى الفعل نفسه.
* (وأنه هو رب الشعرى) *.
* (وأنه هو رب الشعرى) * هي * (الشعرى) * العبور بفتح العين المهملة والباء الموحدة والراء المهملة بعد الواو، وتقال * (الشعرى) * أيضا على الغميصاء بغين معجمة مضمومة وميم مفتوحة بعدها ياء مثناة تحتية وصاد مهملة ومد، والأولى: في الجوزاء، وإنما قيل لها العبور لأنها عبرت المجرة فلقيت سهيلا ولأنها تراه إذا طلع كأنها ستعبر وتسمى أيضا كلب الجبار لأنها تتبع الجوزاء المسماة بالجبار كما يتبع الكلب الصائد أو الصيد، والثانية: في ذراع الأسد المبسوط، وإنما قيل لها الغميصاء لأنها بكت من فراق سهيل فغمصت عينها، والغمص ما سال من الرمص وهو وسخ أبيض يجتمع في الموق، وذلك من زعم العرب أنهما أختا سهيل، وفي " القاموس " من أحاديثهم أن الشعري العبور قطعت المجرة فسميت عبورا وبكت الأخرى على أثرها حتى غمصت ويقال لها الغموس أيضا، وقيل: زعموا أن سهيلا و * (الشعري) * كانا زوجين فانحدر سهيل وصار يمانيا فاتبعه الشعري فعبرت المجرة فسميت العبور وأقامت الغميصاء وسميت بذلك لأنها دون الأولى ضياءا، وكل ذلك من تخيلاتهم الكاذبة التي لا حقيقة لها، والمتبادر عند الإطلاق وعدم الوصف العبور لأنها أكبر جرما وأكثر ضياءا وهي التي عبدت من دون الله سبحانه في الجاهلية.
قال السدي: عبتدها حمير. وخزاعة، وقال غيره: أول من عبدها أبو كبشة رجل من خزاعة، أو هو سيدهم
(٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 ... » »»