تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٨ - الصفحة ٩٨
سورة وقرئ وذكر على إسناد الفعل إلى ضميره تعالى ونصب القتال «رأيت الذين في قلوبهم مرض» أي ضعف في الدين وقيل نفاق وهو الأظهر الأوفق لسياق النظم الكريم «ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت» أي تشخص أبصارهم جبنا وهلعا كدأب من أصابته غشية الموت «فأولى لهم» أي فويل لهم أي فويل لهم وهو أفعل من الولي وهو القرب وقيل من آل ومعناه الدعاء بأن يليهم المكروه أو يؤول إليه أمرهم وقيل هو مشتق من الويل وأصله أويل نقلت العين إلى ما بعد اللام فوزنه أفلع «طاعة وقول معروف» كلام مستأنف أي أمرهم ألخ أو طاعة وقول معروف خير لهم أو حكاية لقولهم ويؤيده قراءة أبى يقولون طاعة وقول معروف أي أمرنا ذلك «فإذا عزم الأمر» أسند العزم وهو الجد إلى الأمر وهو لأصحابه مجازا كما في قوله تعالى إن ذلك من عزم الأمور وعامل الظرف محذوف أي خالفوا وتخلفوا وقيل ناقضوا وقيل كرهوا وقيل هو قوله تعالى «فلو صدقوا الله» على طريقة قولك إذا حضرني طعام فلو جئتني لأطعمتك أي فلو صدقوه تعالى فيما قالوا من الكلام المنبىء عن الحرص على الجهاد بالجري على موجبه «لكان» أي الصدق «خيرا لهم» وفيه دلالة على اشتراك الكل فيما حكى عنهم من قوله تعالى لولا نزلت سورة وقيل فلو صدقوه في الإيمان وواطأت قلوبهم في ذلك ألسنتهم وأيا ما كان فالمراد بهم الذين في قلوبهم مرض وهم المخاطبون بقوله تعالى «فهل عسيتم» الخ بطريق الالتفات لتأكيد التوبيخ وتشديد التقريع أي هل يتوقع منكم «إن توليتم» أمور الناس وتأمرتم عليهم «أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم» تناحرا على الملك وتهالكا على الدنيا فإن من شاهد أحوالكم الدالة على الضعف في الدين والحرص على الدنيا حين أمرتم بالجهاد الذي هو عبارة عن إحراز كل خير وصلاح ودفع كل شر وفساد وأنتم مأمورون شأنكم الطاعة والقول المعروف يتوقع منكم إذا أطلقت أعنتكم وصرتم آمرين ما ذكر من الإفساد وقطع الأرحام وقيل إن أعرضتم عن الإسلام أن ترجعوا إلى ما كنتم عليه في الجاهلية من الإفساد في الأرض بالتغاور والتناهب وقطع الأرحام بمقاتلة بعض الأقارب بعضا ووأد البنات وفيه أن الواقع في جيز الشرط في مثل هذا المقام لابد أن تكون محذوريته باعتبار ما يستتبعه من المفاسد لا باعتبار ذاته ولا ريب في ان الإعراض عن الإسلام رأس كل شر وفساد فحقه أن يجعل عمدة في التوبيخ لا وسيلة للتوبيخ بما دونه من المفاسد وقرئ وليتم على البناء للمعفول أي جعلتم ولاة وقرئ توليتم أي تولاكم ولاة جور خرجتم معهم وساعدتموهم في الإفساد وقطيعة الرحم وقرئ وتقطعوا من التقطع بحذف إحدى التاءين فانتصاب أرحامكم حينئذ على نزع الجار اى في أرحامكم وقرئ وتقطعوا من القطع وإلحاق الضمير بعسى لغة أهل الحجاز وأما بنو
(٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة