به الرضاع التام المنتهى به كما أراد بالأمد المدة من ال كل حي مستكمل مدة العمر ومود إذا انتهى أمده «ثلاثون شهرا» تمضى عليها بمعاناة المشاق ومقاساة الشدائد لأجله وهذا دليل على ان أقل مدة الحمل ستة أشهر لما أنه حط عنه للفصال حولان لقوله تعالى حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة يبقى للحمل ذلك قيل ولعل تعيين أقل مدة الحمل وأكثر مدة الرضاع لانضباطهما وتحقق ارتباط النسب والرضاع بهما «حتى إذا بلغ أشده» أي اكتهل واستحكم قوته وعقله «وبلغ أربعين سنة» قيل لم يبعث نبي قبل أربعين وقرئ حتى إذا استوى وبلغ أشده «قال رب أوزعني» أي ألهمني وأصله أولعنى من أوزعته بكذا «أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي» أي نعمة الدين أو ما يعمها وغيرها «وأن أعمل صالحا ترضاه» التنكير للتفخيم والتكثير «وأصلح لي في ذريتي» أي واجعل الصلاح ساريا في ذريتي راسخا فيهم كما في قوله يجرح في عراقيبها نصلى قال ابن عباس أجاب الله تعالى دعاء أبى بكر رضى الله عنهم فأعتق تسعة من المؤمنين منهم بلال وعامر بن فهيرة ولم يرد شيئا من الخير إلا أعانه الله تعالى عليه ودعا أيضا فقال وأصلح لي في ذريتي فأجابه الله عز وجل فلم يكن له ولدا إلا أمنوا جميعا فاجتمع له إسلام أبويه وأولاده جميعا فأدرك أبوه أبو قحافة رسول الله صلى الله عليه وسلم وابنه عبد الرحمن بن أبى بكر وابن عبد الرحمن أبو عتيق كلهم أدركوا النبي عليه الصلاة والسلام ولم يكن ذلك لأحد من الصحابة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين «إني تبت إليك» عما لا ترضاه أو عما يشغلني عن ذكرك «وإني من المسلمين» الذين أخلصوا لك أنفسهم «أولئك» إشارة إلى الانسان والجمع لأن المراد به الجنس المتصف بالوصف المحكى عنه وما فيه من معنى البعد للإشعار بعلو رتبته وبعد منزلته أي أولئك المنعوتون بما ذكر من النعوت الجليلة «الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا» من الطاعات فإن المباح حسن ولا يثاب عليه «ونتجاوز عن سيئاتهم» وقرئ الفعلان بالياء على إسنادهما إلى الله تعالى وعلى بنائهما للمفعول ورفع أحسن على أنه قائم مقام الفاعل وكذا الجار والمجرور «في أصحاب الجنة» أي كائنين في عدادهم منتظمين في سلكهم «وعد الصدق» مصدر مؤكد لما أن قوله تعالى يتقبل ونتجاوز وعد من الله تعالى لهم بالتقبل والتجاوز «الذي كانوا يوعدون» على ألسنة الرسل «والذي قال لوالديه» عند دعوتهما له إلى الإيمان «أف لكما» هو صوت يصدر عن المرء عند تضجره واللام لبيان المؤفف له كما في هيت لك وقرئ أف بالفتح والكسر بغير تنوين وبالحركات الثلاث مع التنوين والموصول عبارة عن الجنس القائل ذلك القول ولذلك أخبر عنه بالمجموع كما سبق قيل هو
(٨٣)