تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٨ - الصفحة ٣٠
الصالحات في روضات الجنات» مستقرون في أطيب بقاعها وأنزهها «لهم ما يشاؤون عند ربهم» أي ما يشتهونه من فنون المستلذات حاصل لهم عند ربهم ظرف للاستقرار العامل في لهم وقيل ظرف ليشاءون «ذلك» إشارة إلى ما ذكر من حال المؤمنين وما فيه من معنى البعد للإيذان ببعد منزلة المشار إليه «هو الفضل الكبير» الذي لا يقادر قدره ولا يبلغ غايته «ذلك» الفضل الكبير هو «الذي يبشر الله عباده» أي يبشرهم به فحذف الجار ثم العائد إلى الموصول كما في قوله تعالى أهذا الذي بعث الله رسولا أو ذلك التبشير الذي يبشره الله تعالى عباده «الذين آمنوا وعملوا الصالحات» وقريء يبشر من أبشر «قل لا أسألكم عليه» روى أنه اجتمع المشركون في مجمع لهم فقال بعضهم لبعض أترون ان محمدا يسأل على ما يتعاطاه أجرا فنزلت أي لا أطلب منكم على ما أنا عليه من التبليغ والبشارة «أجرا» نفعا «إلا المودة في القربى» أي إلا أن تودوني لقرابتي أو تودوا أهل قرابتي وقيل الاستثناء منقطع والمعنى لا أسألكم أجرا قط ولكن أسألكم المودة وفي القربى حال منها أي إلا المودة ثابتة في القربى متمكنة في أهلها أو في حق القرابة والقربى مصدر كالزلفى بمعنى القرابة روى أنها لما نزلت قيل يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم قال على وفاطمة وابناهما وعن النبي صلى الله عليه وسلم حرمت الجنة على من ظلم أهل بيتي وآذاني في عترتي ومن اصطنع صنيعة إلى أحد من ولد عبد المطلب ولم يجازه فأنا أجازيه عليها غدا إذا لقيني يوم القيامة وقيل القربى التقرب إلى الله أي إلا أن تودوا الله ورسوله في تقربكم إليه بالطاعة والعمل الصالح وقرئ إلا مودة في القربى «ومن يقترف حسنة» اي يكتسب أي حسنة كانت فتناول مودة ذي القربى تناولا أوليا وعن السدى أنها المرادة وقيل نزلت في الصديق رضى الله عنه ومودته فيهم «نزد له فيها» اي في الحسنة «حسنا» بمضاعفة الثواب وقرئ يزد أي يزد الله وقرئ حسنى «إن الله غفور» لمن أذنب «شكور» لمن أطاع بتوفية الثواب والتفضل عليه بالزيادة «أم يقولون» بل أيقولون «افترى» محمد «على الله كذبا» بدعوى النبوة وتلاوة القرآن على أن الهمزة للإنكار التوبيخي كأنه قيل أيتما لكون أن ينسبوا مثله عليه السلام وهو هو إلى الافتراء لا سيما الافتراء على الله الذي هو أعظم القرى وأفحشها وقوله تعالى «فإن يشأ الله يختم على قلبك» استشهاد على بطلان ما قالوا ببيان أنه عليه السلام لو افترى على الله تعالى لمنعه من ذلك قطعا وتحقيقه أن دعوى كون القرآن افتراء عليه تعالى قول منهم بأنه تعالى لا يشاء صدوره عن النبي صلى الله عليه وسلم بل يشاء عدم صدوره
(٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة