تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٨ - الصفحة ٢٣٢
قوله تعالى «كمثل الشيطان» فإنه خبر ثان للمبتدأ المقدر مبين لحالهم متضمن لحال أخرى لليهود وهى اغترارهم بمقابلة المنافقين أولا وخيبتهم آخرا وقد أجمل في النظم الكريم حيث أسند كل من الخبرين إلى المقدر المضاف إلى ضمير الفريقين من غير تعيين ما أسند إليه بخصوصه ثقة بأن السامع يرد كلا من المثلين إلى ما يماثله كأنه قيل مثل اليهود في حلول العذاب بهم كمثل الذين من قبلهم الخ ومثل المنافقين في إغرائهم إياهم على القتال حسبما نقل عنهم كمثل الشيطان «إذ قال للإنسان اكفر» أي أغراه على الكفر إغراء الآمر الأمور على المأمور به «فلما كفر قال إني بريء منك» وقرئ أنا برئ منك إن أريد بالإنسان الجنس فهذا التبرؤ من الشيطان يكون يوم القيامة كما ينبئ عنه قوله تعالى «إني أخاف الله رب العالمين» وإن أريد به أبو جهل فقوله تعالى اكفر عبارة عن قول إبليس يوم بدر لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم وتبرؤه قوله يومئذ إني برئ منكم إني أرى ما لا ترون إني أخاف الله الآية «فكان عاقبتهما» بالنصب على أنه خبر كان واسمها «أنهما في النار» وقرئ بالعكس وقد مر أنه أوضح «خالدين فيها» وقرئ خالدان فيها على أنه خبر أن وفى النار لغو «وذلك جزاء الظالمين» أي الخلود في النار جزاء الظالمين على الإطلاق دون هؤلاء خاصة «يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله» أي في كل ما تأتون وما تذرون «ولتنظر نفس ما قدمت لغد» أي أي شئ قدمت من الأعمال ليوم القيامة عبر عنه بذلك لدنوه أو لأن الدنيا كيوم والآخرة غده وتنكيره لتفخيمه وتهويله كأنه قيل لغد لا يعرف كنهه لغاية عظمه وأما تنكير نفس فلاستقلال الأنفس النواظر فيما قدمن لذلك اليوم الهائل كأنه قيل ولتنظر نفس واحدة ذلك «واتقوا الله» تكرير للتأكيد أو الأول في أداء الواجبات كما يشعر به ما بعده من الأمر بالعمل وهذا ترك المحارم كما يؤذن به الوعيد بقوله تعالى «إن الله خبير بما تعملون» أي من المعاصي «ولا تكونوا كالذين نسوا الله» أي نسوا حقوقه تعالى وما قدروه حق قدره ولم يراعوا مواجب أوامره ونواهيه حق رعايتها «فأنساهم» بسبب ذلك «أنفسهم» أي جعلهم ناسين لها حتى لم يسمعوا ما ينفعها ولم يفعلوا ما يخلصها أو أراهم يوم القيامة من الأهوال ما أنساهم أنفسهم «أولئك»
(٢٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة