تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٨ - الصفحة ١٧٩
«خلق الإنسان من صلصال كالفخار» تمهيد للتوبيخ على إخلالهم بمواجب شكر النعمة المتعلقة بذاتي كل واحد من الثقلين والصلصال الطين اليابس الذي له صلصال والفخار الخزف وقد خلق الله تعالى آدم عليه السلام من تراب جعله طينا ثم حمأ مسنونا ثم صلصال فلا تنافى بين الآية الناطقة بأحدها وبين ما نطق بأحد الآخرين «وخلق الجان» أي الجن أو أبا الجن «من مارج» من لهب صاف «من نار» بيان لمارج فإنه في الأصل للمضطرب من مرج إذا اضطرب «فبأي آلاء ربكما تكذبان» مما أفاض عليكما في تضاعيف خلقكما من سوابغ النعم «رب المشرقين ورب المغربين» بالرفع على خبرية مبتدأ محذوف أي الذي فعل ما ذكر من الأفاعيل البديعة رب مشرقى الصيف والشتاء ومغربيهما ومن قضيته أن يكون رب ما بينهما من الموجودات قاطبة وقيل على الابتداء والخبر قوله تعالى مرج الخ وقرئ بالجر على انه بدل من ربكما «فبأي آلاء ربكما تكذبان» مما في ذلك من فوائد لا تحصى من اعتدال الهواء واختلاف الفصول وحدوث ما يناسب كل فصل في وقته إلى غير ذلك «مرج البحرين» أي أرسلهما من مرجت الدابة إذا أرسلتها والمعنى أرسل البحر الملح والبحر العذب «يلتقيان» أي يتجاوران ويتماس سطوحهما لا فصل بينهما في مرأى العين وقيل أرسل بحرى فارس والروم يلتقيان في المحيط لأنهما خليجان يتشعبان منه «بينهما برزخ» أي حاجز من قدرة الله عز وجل أو من الأرض «لا يبغيان» أي لا يبغي أحدهما على الآخر بالممازجة وإبطال الخاصية أو لا يتجاوزان حديهما بإغراق ما بينهما «فبأي آلاء ربكما تكذبان» وليس منهما شئ يقبل التكذيب «يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان»
(١٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة