تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٨ - الصفحة ١٥٥
على ظهوره منها فمما لا يناسب المقام «وما ينطق عن الهوى» أي وما يصدر نطقه بالقرآن عن هواه ورأيه أصلا فإن المراد استمرار نفى النطق عن الهوى لا نفى استمرار النطق عنه كما مر مرار «إن هو» أي ما الذي ينطق به من القرآن «إلا وحي» من الله تعالى وقوله تعالى «يوحى» صفة مؤكده لوحي رافعة لاحتمال المجاز مفيدة للاستمرار التجددي «علمه شديد القوى» أي ملك شديد قواه وهو جبريل عليه السلام فإنه الواسطة في إبداء الخوارق وناهيك دليلا على شدة قوته أنه قلع قرى قوم لوط من الماء الأسود الذي هو تحت الثرى وحملها على جناحه ورفعها إلى السماء ثم قلبها وصاح بثمود صيحة فأصبحوا جاثمين وكان هبوطه على الأنبياء وصعوده في اسرع من رجعة الطرف «ذو مرة» أي حصافة في عقله ورأيه ومتانة في دينه «فاستوى» عطف على علمه بطريق التفسير فإنه إلى قوله تعالى ما أوحى بيان لكيفية التعليم اى فاستقام على صورته التي خلقه الله تعالى عليها دون الصورة التي كان يتمثل بها كلما هبط بالوحي وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب أن يراه في صورته التي جبل عليها وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بحراء فطلع له جبريل عليه السلام من المشرق فسد الأرض من المغرب وملأ الأفق فخر رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزل جبريل على السلام في صورة الآدميين فضمه إلى نفسه وجعل يمسح الغبار عن وجهه قيل ما رآه أحد من الأنبياء في صورته غير النبي عليه الصلاة والسلام فإنه رآه مرتين مرة في الأرض ومرة في السماء وقيل استوى بقوته على ما جعل له من الأمر وقوله تعالى «وهو بالأفق الأعلى» أي أفق الشمس حال من فاعل استوى «ثم دنا» أي أراد الدنو من النبي عليهما الصلاة والسلام «فتدلى» أي استرسل من الأفق الأعلى مع تعلق به فدنا من النبي يقال تدلت الثمرة ودلى رجليه من السرير وأدلى دلوه والدوالي الثمر المعلق «فكان» أي مقدار امتداد ما بينهما «قاب قوسين» اى مقدارهما فإن ألقاب والقيب والقادر والقيد والقيس
(١٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة