وعنه أنهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقيل: نزلت في المؤذنين، والحق أن حكمها عام لكل من جمع ما فيها من الخصال الحميدة، وإن نزلت فيمن ذكر وعمل صالحا فيما بينه وبين ربه وقال إنني من المسلمين ابتهاجا بأنه منهم أو اتخاذا للإسلام دينا ونحلة من قولهم هذا قول فلان أي مذهبه لا أنه تكلم بذلك. وقرىء إني بنون واحدة.
ولا تستوي الحسنة ولا السيئة جملة مستأنفة سيقت لبيان محاسن الأعمال الجارية بين العباد إثر بيان محاسن الأعمال الجارية بين العبد وبين الرب عز وجل ترغيبا لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الصبر على أذية المشركين، ومقابلة إساءتهم بالإحسان، أي لا تستوي الخصلة الحسنة والسيئة في الآثار والأحكام. ولا الثانية مزيدة لتأكيد النفي، وقوله تعالى ادفع بالتي هي أحسن الخ استئناف مبين لحسن عاقبة الحسنة، أي ادفع السيئة حيث اعترضتك من بعض أعاديك بالتي هي أحسن ما يمكن دفعها به من الحسنات كالإحسان إلى من أساء فإنه أحسن من العفو، وإخراجه مخرج الجواب عن سؤال من قال كيف أصنع للمبالغة ولذلك وضع أحسن موضع الحسنة. وقوله تعالى: فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم بيان لنتيجة الدفع المأمور به، أي فإذا فعلت ذلك صار عدوك المشاق مثل الولي الشفيق وما يلقاها أي ما يلق هذه الخصلة والسجية التي هي مقابلة الإساءة بالإحسان إلا الذين صبروا أي شأنهم الصبر وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم من الخير وكمال النفس، وقيل: الحظ العظيم: الجنة، وقيل: هو الثواب. قيل: نزلت في أبي سفيان بن حرب وكان مؤذيا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فصار وليا مصافيا وإما ينزغنك من الشيطان نزغ النزغ والنسغ بمعنى وهو شبه النخس، شبه به وسوسة الشيطان لأنها بعث على الشر، وجعل نازعا على طريقة جد جده، أو أريد: وإما ينزغنك نازغ وصفا للشيطان بالمصدر أي وإن صرفك الشيطان عما وصيت به من الدفع بالتي هي أحسن فاستعذ بالله من شره ولا تطعه إنه هو السميع باستعاذتك العليم بنيتك أو بصلاحك. وفي جعل ترك الدفع بالأحسن من آثار نزغات الشيطان مزيد تحذير وتنفير عنه.