تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٨ - الصفحة ١٢
بعضهم لبعض «لا تسمعوا لهذا القرآن» أي لا تنصتوا له «والغوا فيه» وعارضوه بالخرافات من الرجز والشعر والتصدية والمكاء أو أرفعوا أصواتكم بها لتشوشوه على القارئ وقريء بضم الغين والمعاني واحد يقال لغى يلغى كلقى يلقي ولغا يلغوا إذا هذى «لعلكم تغلبون» أي تغلبونه على قراءته «فلنذيقن الذين كفروا» أي فوالله لنذيقن هؤلاء القائلين واللاغين أو جميع الكفار وهم داخلون فيهم دخولا أولياء «عذابا شديدا» لا يقادر قدره «ولنجزينهم أسوأ الذي كانوا يعملون» أي جزاء سيئات أعمالهم التي هي في أنفسها أسوأ وقيل إنه لا يجازيهم بمحاسن أعمالهم كإغاثة الملهوفين وصلة الأرحام وقرئ الأضياف لأنها محبطة بالكفر وعن ابن عباس رضي الله عنهما عذابا شديدا يوم بدر وأسوأ الذي كانوا يعملون في الآخرة «ذلك» مبتدأ وقوله تعالى «جزاء أعداء الله» خبره أي ما ذكر من الجزاء جزاء معدلا لأعدائه وقوله تعالى «النار» عطف بيان للجزاء أو ذلك خبر مبتدأ محذوف أي الأمر ذلك على انه عبارة عن مضمون الجملة لاعن الجزاء وما بعده جملة مستقلة مبينة لما قبلها وقوله تعالى «لهم فيها دار الخلد» جملة مستقلة مقررة لما قبلها أو النار مبتدأ هي خبره أي هي بعينها دار إقامتهم على أن في للتجريد وهو أن ينتزع من أمر ذي صفة أمر آخر مثله مبالغة لكماله فيها كما يقال في البيضة عشرون منا حديد وقيل وهي على معناها والمراد أن لهم في النار المشتملة على الدركات دارا مخصوصة هم فيها خالدون «جزاء بما كانوا بآياتنا يجحدون» منصوب بفعل مقدر أي يجزون جزاء أو بالمصدر السابق فإن المصدر ينتصب بمثله كما في قوله تعالى فإن جهنم جزاؤكم جزاء موفورا والباء الأولى متعلقة بجزاء والثانية بيجحدون قدمت عليه لمراعاة الفواصل أي بسبب ما كانوا يجحدون بآياتنا الحقة أو يلغون فيها وذكر الجحود لكونه سببا للغو «وقال الذين كفروا» وهم متقلبون فيما ذكر من العذاب «ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس» يعنون فريقي شياطين النوعين المقيضين لهم الحاملين لهم على الكفر والمعاصي بالتسويل والتزين وقيل هما إبليس وقابيل فإنهما سنا الكفر والقتل بغير حق وقرئ أرنا تخفيفا كفخذ في فخذ وقيل معناه أعطناهما وقرئ باختلاس كسرة الراء «نجعلهما تحت أقدامنا» أي ندسهما انتقاما منهما وقيل نجعلهما في الدرك الأسفل «ليكونا من الأسفلين» أي ذلا ومهانة أو مكانا «إن»
(١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة