تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٤ - الصفحة ٢٣٢
والميزان الأمر بإيفاء المكيلات والمزونات ويكون النهي عن البخس عاما للنقص في المقدار وغيره تعميما بعد التخصيص كما في قوله تعالى «ولا تعثوا في الأرض مفسدين» فإن العثى يعم نقص الحقوق وغيره من أنواع الفساد وقيل البخس المكس كأخذ العشور في المعاملات قال زهير بن أبي سلمى * أفي كل أسواق العراق أتاوة * وفي كل ما باع امرؤ مكس درهم * والعثى في الأرض السرقة وقطع الطريق والغارة وفائدة الحال إخراج ما يقصد به الإصلاح كما فعله الخضر عليه السلام من خرق السفينة وقتل الغلام وقيل معناه ولا تعثوا في الأرض مفسدين أمر آخرتكم ومصالح دينكم «بقية الله» أي ما أبقاه لكم من الحلال بعد التنزه عن تعاطي المحرمات «خير لكم» مما تجمعون بالبخس والتطفيف فإن ذلك هباء منثورا بل شر محض وإن زعمتم أن فيه خيرا كقوله تعالى يمحق الله الربا ويربي الصدقات «إن كنتم مؤمنين» بشرط أن تؤمنوا فإن خيريتها باستتباع الثواب مع النجاة وذلك مشروط بالإيمان لا محالة أو إن كنتم مصدقين لي في مقالتي لكم وقيل البقية الطاعات كقوله عز وجل والباقيات الصالحات خير عند ربك وقرئ تقية الله بالفوقانية وهي تقواه عن المعاصي «وما أنا عليكم بحفيظ» أحفظكم من القبائح أو أحفظ عليكم أعمالكم فأجازيكم وإنما أنا ناصح مبلغ وقد أعذرت إذ أنذرت ولم آل في ذلك جهدا أو ما أنا بحافظ ومستبق عليكم نعم الله تعالى إن لم تتركوا ما أنتم عليه من سوء الصنيع «قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا» من الأوثان أجابوا بذلك أمره عليه السلام إياهم بعبادة الله وحده المتضمن لنهيهم عن عبادة الأصنام ولقد بالغوا في ذلك وبلغوا أقصى مراتب الخلاعة والمجون والضلال حيث لم يكتفوا بإنكار الوحي الآمر بذلك حتى ادعوا أن لا آمر به من العقل واللب أصلا وأنه من أحكام الوسوسة والجنون وعلى ذلك بنوا استفهامهم وقالوا بطريق الاستهزاء أصلاتك التي هي من نتائج الوسوسة وأفاعيل المجانين تأمرك بأن نترك عبادة الأوثان التي توارثناها أبا عن جد وإنما جعلوه عليه السلام مأمورا مع أن الصادر عنه إنما هو الأمر بعبادة الله تعالى وغير ذلك من الشرائع لأنه عليه السلام لم يكن يأمرهم بذلك من تلقاء نفسه بل من جهة الوحي وأنه كان يعلمهم بأنه مأمور بتبليغه إليهم وتخصيصهم بإسناد الأمر إلى الصلاة من بين سائر أحكام النبوة لأنه صلى الله عليه وسلم كان كثير الصلاة معروفا بذلك وكانوا إذا رأوه يصلي يتغامزون ويتضاحكون فكانت هي من بين سائر شعائر الدين ضحكة لهم وقرئ أصلواتك «أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء» جواب عن أمر عليه السلام بإيفاء الحقوق ونهيه عن البخس والنقص معطوف على ما أي أو أن نترك أن نفعل في أموالنا ما نشاء من الأخذ والإعطاء والزيادة والنقص وقرئ بالتاء في الفعلين عطفا على مفعول تأمرك أي أصلاتك تأمرك أن تفعل أنت في أموالنا ما تشاء وتجويز
(٢٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 8 - سورة الأنفال 2
2 قوله تعالى: إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون. 15
3 (الجزء العاشر) قوله تعالى: واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه و للرسول ولذي القربى واليتامى الخ 22
4 9 - سورة التوبة 39
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل الخ 62
6 قوله تعالى: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها و المؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي السبيل الله وابن السبيل. 76
7 (الجزء الحادي عشر) قوله تعالى: إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف. 93
8 قوله تعالى: وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة الخ. 111
9 10 - سورة يونس عليه السلام 115
10 قوله تعالى: الذين أحسنوا الحسنى وزيادة. 138
11 قوله تعالى: واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت. 164
12 11 - سورة هود عليه السلام 182
13 (الجزء الثاني عشر) قوله تعالى: وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها. 186
14 قوله تعالى: وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها إن ربي فغفور رحيم. 209
15 قوله تعالى: وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 231
16 12 - سورة يوسف عليه السلام 250
17 قوله تعالى: وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي. 285
18 قوله تعالى: رب قد آتيتني من الملك و علمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض. 308