تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٤ - الصفحة ٢٣٠
على غير الأفصح ولا يلزم من ذلك أمرها بالإلتفات بل عدم نهيها عنه بطريق الاستصلاح ولذلك علله على طريقة الاستئناف بقوله «إنه مصيبها ما أصابهم» من العذاب وهو أمطار الأحجار وإن لم يصبها الخسف والضمير في إنه للشأن وقوله تعالى مصيبها خبر وقوله ما أصابهم مبتدأ والجملة خبر لأن الذي اسمه ضمير الشأن وفيه ما لا يخفى من تفخيم شأن ما أصابهم ولا يحسن جعل الاستثناء منقطعا على قراءة الرفع «إن موعدهم الصبح» أي موعد عذابهم وهلاكهم تعليل للأمر بالإسراء والنهي عن الالتفات المشعر بالحث على الإسراع «أليس الصبح بقريب» تأكيد للتعليل فإن قرب الصبح داع إلى الإسراع في الإسراء للتباعد عن مواقع العذاب وروى أنه قال للملائكة متى موعد هلاكهم قالوا الصبح قال أريد أسرع من ذلك فقالوا ذلك وإنما جعل ميقات هلاكهم الصبح لأنه وقت الدعة والراحة فيكون حلول العذاب حينئذ أفظع ولأنه أنسب بكون ذلك عبرة للناظرين «فلما جاء أمرنا» أي وقت عذابنا وموعده وهو الصبح «جعلنا عاليها» أي عالي قرى قوم لوط وهي التي عبر عنها بالمؤتفكات وهي خمس مدائن فيها أربعمائة ألف ألف «سافلها» أي قلبناها على تلك الهيئة وجعل عاليها مفعولا أول للجعل وسافلها مفعولا ثانيا له وإن تحقق القلب بالعكس أيضا لتهويل الأمر وتفظيع الخطب لأن جعل عاليها الذي هو مقارهم ومساكنهم سافلها أشد عليهم وأشق من جعل سافلها عاليها وإن كان مستلزما له روى أنه جعل جبريل عليه السلام جناحه في أسفلها ثم رفعها إلى السماء حتى سمع أهل السماء نباح الكلاب وصياح الديكة ثم قلبها عليهم وإسناد الجعل والأمطار إلى ضميره سبحانه باعتبار أنه المسبب لتفخيم الأمر وتهويل الخطب «وأمطرنا عليها» على أهل المدائن أو شذاذهم «حجارة من سجيل» من طين متحجر كقوله حجارة من طين وأصله سنك كل فعرب وقيل هو من أسجله إذا أرسله أو أدر عطيته والمعنى من مثل الشيء المرسل أو مثل العطية في الإدرار أو من السجل أي مما كتب الله تعالى أن يعذبهم به وقيل أصله من سجين أي من جهنم فأبدلت نونه لاما «منضود» نضد في السماء نضدا معدا للعذاب وقيل يرسل بعضه إثر بعض كقطار الأمطار «مسومة» معلمة للعذاب وقيل معلمة ببياض وحمرة أو بسيما تتميز به عن حجارة الأرض أو باسم من ترمي به «عند ربك» في خزائنه التي لا يتصرف فيها غيره عز وجل «وما هي» أي الحجارة الموصوفة «من الظالمين» من كل ظالم «ببعيد» فإنهم بسبب ظلمهم مستحقون لها وملابسون بها وفيه وعيد شديد لأهل الظلم كافة وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سأل جبريل عليه السلام فقال يعني ظالمي أمتك ما من ظالم منهم إلا وهو بعرض حجر يسقط عليه من ساعة إلى سعة وقيل الضمير للقرى أي هي قريبة من ظالمي مكة يمرون بها في مسايرهم وأسفارهم إلى الشام وتذكير البعيد على تأويل الحجارة بالحجر أو إجرائه على موصوف مذكر أي بشيء بعيد أو بمكان بعيد فإنها وإن كانت في السماء وهي في غاية البعد من الأرض
(٢٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 8 - سورة الأنفال 2
2 قوله تعالى: إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون. 15
3 (الجزء العاشر) قوله تعالى: واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه و للرسول ولذي القربى واليتامى الخ 22
4 9 - سورة التوبة 39
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل الخ 62
6 قوله تعالى: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها و المؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي السبيل الله وابن السبيل. 76
7 (الجزء الحادي عشر) قوله تعالى: إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف. 93
8 قوله تعالى: وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة الخ. 111
9 10 - سورة يونس عليه السلام 115
10 قوله تعالى: الذين أحسنوا الحسنى وزيادة. 138
11 قوله تعالى: واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت. 164
12 11 - سورة هود عليه السلام 182
13 (الجزء الثاني عشر) قوله تعالى: وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها. 186
14 قوله تعالى: وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها إن ربي فغفور رحيم. 209
15 قوله تعالى: وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 231
16 12 - سورة يوسف عليه السلام 250
17 قوله تعالى: وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي. 285
18 قوله تعالى: رب قد آتيتني من الملك و علمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض. 308