تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٤ - الصفحة ٢٢١
أقدركم على عمارتها أو أمركم بها وقيل هو من العمري بمعنى أعمركم فيها دياركم ويرثها منكم بعد انصرام أعماركم أو جعلكم معمرين دياركم تسكنونها مدة عمركم ثم تتركونها لمثلكم «فاستغفروه ثم توبوا إليه» فإن ما فصل من فنون الإحسان داع إلى الاستغفار عما وقع منهم من التفريط والتوبة عما كانوا يباشرونه من القبائح وقد زيد في بيان ما يوجب ذلك فقيل «إن ربي قريب» أي قريب الرحمة كقوله تعالى إن رحمة الله قريب من المحسنين «مجيب» لمن دعاه وسأله وقد روعي في النظم الكريمة نكتة حيث قدم ذكر العلة الباعثة المتقدمة على الأمر بالاستغفار والتوبة وأخر عنه ذكر الغائبة المتأخرة عنهما في الوجود أعني الإجابة «قالوا يا صالح قد كنت فينا مرجوا» أي كنا نرجو منك لما كنا نرى منك من دلائل السداد ومخايل الرشاد أن تكون لنا سيدا ومستشارا في الأمور وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فاضلا خيرا نقدمك على جميعنا وقيل كنا نرجو أن تدخل في ديننا وتوافقنا على ما نحن عليه «قبل هذا» الذي باشرته من الدعوة إلى التوحيد وترك عبادة آلهة أو قبل هذا الوقت فكأنهم لم يكونوا إلى الآن على يأس من ذلك ولو بعد الدعوة إلى الحق فالآن قد انصرم عنك رجاؤنا وقرأ طلحة مرجوءا بالمد والهمزة «أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا» أي عبدوه والعدول إلى صيغة المضارع لحكاية الحال الماضية «وإننا لفي شك مما تدعونا إليه» من التوحيد وترك عبادة الأوثان وغير ذلك من الاستغفار والتوبة «مريب» أي موقع في الريبة من أرابه أي أوقعه في الريبة أي قلق النفس وانتفاء الطمأنينة أو من أراب إذا كان ذا ريبة وأيهما كان فالاسناد مجازي والتنوين فيه وفي شك للتفخيم «قال يا قوم أرأيتم» أي أخبروني «إن كنت» في الحقيقة «على بينة» أي حجة ظاهرة وبرهان وبصيرة «من ربي» مالكي ومتولي أمرى «وآتاني منه» من جهته «رحمة» نبوة وهذه الأمور وإن كانت محققة الوقوع لكنها صدرت بكلمة الشك اعتبارا لحال المخاطبين ورعاية لحسن المحاورة لاستنزالهم عن المكابرة «فمن ينصرني من الله» أي ينجيني من عذابه والعدول إلى الإظهار لزيادة التهويل والفاء لترتيب إنكار النصرة على ما سبق من إيتاء النبوة وكونه على بينة من ربه على تقدير العصيان حسبما يعرب عنه قوله تعالى «إن عصيته» أي بالمساهلة في تبليغ الرسالة والمجاراة معكم فيما تأتون وتذرون فإن العصيان ممن ذلك شأنه أبعد والمؤاخذة عليه ألزم وإنكار نصرته أدخل «فما تزيدونني» إذن باستتباعكم إياي كما ينبئ عنه قولهم قد كنت فينا مرجوا قبل هذا أي لا تفيدونني إذ لم يكن فيه أصل الخسران حتى يزيدوه «غير تخسير» أي غير أن تجعلوني خاسرا بإبطال أعمالي وتعريضي لسخط الله تعالى أو فما
(٢٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 8 - سورة الأنفال 2
2 قوله تعالى: إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون. 15
3 (الجزء العاشر) قوله تعالى: واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه و للرسول ولذي القربى واليتامى الخ 22
4 9 - سورة التوبة 39
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل الخ 62
6 قوله تعالى: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها و المؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي السبيل الله وابن السبيل. 76
7 (الجزء الحادي عشر) قوله تعالى: إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف. 93
8 قوله تعالى: وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة الخ. 111
9 10 - سورة يونس عليه السلام 115
10 قوله تعالى: الذين أحسنوا الحسنى وزيادة. 138
11 قوله تعالى: واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت. 164
12 11 - سورة هود عليه السلام 182
13 (الجزء الثاني عشر) قوله تعالى: وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها. 186
14 قوله تعالى: وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها إن ربي فغفور رحيم. 209
15 قوله تعالى: وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 231
16 12 - سورة يوسف عليه السلام 250
17 قوله تعالى: وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي. 285
18 قوله تعالى: رب قد آتيتني من الملك و علمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض. 308