تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٤ - الصفحة ٢٢٧
الخوف ومجئ السرور للمجادلة المدلول عليها بقوله تعالى «يجادلنا في قوم لوط» أي جادل رسلنا في شأنهم وعدل إلى صيغة الاستقبال لاستحضار صورتها أو طفق يجادلنا ظاهرة وأما إن فسرت ببشارة الولد أو بما يعمها فلعل سببيتها لها من حيث إنها تفيد زيادة اطمئنان قلب بسلامته وسلامة أهله كافة ومجادلته إياهم أنه قال لهم حين قالوا له إنا مهلكوا أهل هذه القرية أرأيتم لو كان فيها خمسون رجلا من المؤمنين أتهلكونها قالوا لا قال فأربعون قالوا لا قال فثلاثون قالوا لا حتى بلغ العشرة قالوا لا قال أرأيتم إن كان فيها رجل مسلم أتهلكونها قالوا لا فعند ذلك قال إن فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمن فيها الننجينه وأهله إن قيل المتبادر من هذا الكلام أن يكون إبراهيم عليه السلام قد علم أنهم مرسلون لإهلاك قوم لوط قبل ذهاب الروع عن نفسه ولكن لم يقدر على مجادلتهم في شأنهم لاشتغاله بشأن نفسه فلما ذهب عنه الروع فرغ لها مع أن ذهاب الروع إنما هو قبل العلم بذلك لقوله تعالى قالوا لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط قلنا كان لوط عليه السلام على شريعة إبراهيم عليه السلام وقومه مكلفين بها فلما رأى من الملائكة ما رأى خاف على نفسه وعلى كافة أمته التي من جملتهم قوم لوط ولا ريب في تقدم هذا الخوف على قولهم لا تخف وأما الذي علمه السلام بعد النهي عن الخوف فهو اختصاص قوم لوط بالهلاك لا دخولهم تحت العموم فتأمل والله الموفق «إن إبراهيم لحليم» غير عجول على الانتقام ممن أساء إليه «أواه» كثير التأوه على الذنوب والتأسف على الناس «منيب» راجع إلى الله تعالى والمقصود بتعداد صفاته الجميلة المذكورة بيان ما حمله عليه السلام على ما صدر عنه من المجادلة «يا إبراهيم» أي قالت الملائكة يا إبراهيم «أعرض عن هذا» الجدال «أنه» أي الشأن «قد جاء أمر ربك» أي قدره الجاري على وفق قضائه الأزلي الذي هو عبارة عن الإرادة الأزلية والعناية الإلهية المقتضية لنظام الموجودات على ترتيب خاص حسب تعلقها بالأشياء في أوقاتها وهو المعبر عنه بالقدر «وإنهم آتيهم عذاب غير مردود» لا بجدال ولا بدعاء ولا بغيرهما «ولما جاءت رسلنا لوطا» قال ابن عباس رضي الله عنهما انطلقوا من عند إبراهيم عليه السلام إلى لوط عليه السلام وبين القريتين أربعة فراسخ ودخلوا عليه في صور غلمان مرد حسان الوجوه فلذلك «سئ بهم» أي ساءه مجيئهم لظنه أنهم أناس فخاف أن يقصدهم قومه ويعجز عن مدافعتهم وقرأ نافع وابن عامر والكسائي وأبو عمر وسيء وسيئت بإشمام السين الضم روى أن الله تعالى قال للملائكة لا تهلكوهم حتى يشهد عليهم لوط أربع شهادات فلما مشى معهم منطلقا بهم إلى منزله قال لهم أما بلغكم أمر هذه القرية قالوا وما أمرها قال أشهد إنها لشر قرية في الأرض عملا يقول ذلك أربع مرات فدخلوا معه منزله ولم يعلم بذلك أحد فخرجت امرأته فأخبرت به قومها وقالت في بيت لوط رجالا ما رأيت مثل وجوههم
(٢٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 222 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 8 - سورة الأنفال 2
2 قوله تعالى: إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون. 15
3 (الجزء العاشر) قوله تعالى: واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه و للرسول ولذي القربى واليتامى الخ 22
4 9 - سورة التوبة 39
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل الخ 62
6 قوله تعالى: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها و المؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي السبيل الله وابن السبيل. 76
7 (الجزء الحادي عشر) قوله تعالى: إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف. 93
8 قوله تعالى: وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة الخ. 111
9 10 - سورة يونس عليه السلام 115
10 قوله تعالى: الذين أحسنوا الحسنى وزيادة. 138
11 قوله تعالى: واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت. 164
12 11 - سورة هود عليه السلام 182
13 (الجزء الثاني عشر) قوله تعالى: وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها. 186
14 قوله تعالى: وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها إن ربي فغفور رحيم. 209
15 قوله تعالى: وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 231
16 12 - سورة يوسف عليه السلام 250
17 قوله تعالى: وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي. 285
18 قوله تعالى: رب قد آتيتني من الملك و علمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض. 308