تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٤ - الصفحة ٢٣
وعند مالك رحمه الله الأمر فيه مفوض إلى اجتهاد الإمام إن رأى قسمه بين هؤلاء وإن رأي أعطاه بعضا منهم دون بعض وإن رأي غيرهم أولى وأهم فغيرهم وتعلق أبو العالية بظاهر الآية الكريمة فقال يقسم ستة أسهم ويصرف سهم الله تعالى إلى رتاج الكعبة لما روى أنه صلى الله عليه وسلم كان يأخذ منه قبضة فيجعلها لمصالح الكعبة ثم يقسم ما بقي على خمسة أسهم وقيل سهم الله لبيت المال وقيل هو مضموم إلى سهم الرسول صلى الله عليه وسلم هذا شأن الخمس وأما الأخماس الأربعة فتقسم بين الغانمين للراجل سهم وللفارس سهمان عند أبي حنيفة رضي الله عنه وثلاثة أسهم عندهما رحمهما الله قال القرطبي لما بين الله تعالى حكم الخمس وسكت عن الباقي دل ذلك على أنه ملك للغانمين وقوله تعالى «إن كنتم آمنتم بالله» متعلق بمحذوف ينبيء عنه المذكور أي إن كنتم آمنتم به تعالى فاعلموا أن الخمس من الغنيمة يجب التقرب به إلى الله تعالى فاقطعوا أطماعكم منه واقتنعوا بالأخماس الأربعة ليس المراد به مجرد العلم بذلك بل العلم المشفوع بالعمل والطاعة لأمره تعالى «وما أنزلنا» عطف على الاسم الجليل أي إن كنتم آمنتم بالله وبما أنزلناه «على عبدنا» وقرئ عبدنا وهو اسم جمع أريد به الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنون فإن بعض ما نزل نازل عليهم بالذات كما ستعرفه «يوم الفرقان» يوم بدر سمى به لفرقه بين الحق والباطل وهو منصوب بأنزلنا أو بآمنتم «يوم التقى الجمعان» أي الفريقان من المؤمنين والكافرين وهو بدل من يوم الفرقان أو منصوب بالفرقان والمراد ما أنزل عليه صلى الله عليه وسلم يومئذ من الوحي والملائكة والفتح على أن المراد بالإنزال مجرد الإيصال والتيسير فينتظم الكل انتظاما حقيقيا وجعل الإيمان بإنزال هذه الأشياء من موجبات العلم بكون الخمس لله تعالى على الوجه المذكور من حيث إن الوحي ناطق بذلك وإن الملائكة والفتح لما كانا من جهته تعالى وجب أن يكون ما حصل بسببهما من الغنيمة مصروفة إلى الجهات التي عينها الله تعالى «والله على كل شيء قدير» يقدر على نصر القليل على الكثير والذليل على العزيز كما فعل بكم ذلك اليوم «إذ أنتم بالعدوة الدنيا» بدل ثان من يوم الفرقان والعدوة بالضم شط الوادي كذا بالفتح والكسر وقد قرئ بهما أيضا «وهم بالعدوة القصوى» أي البعدي من المدينة وهي تأنيث الأقصى وكان القياس قلب الواو ياء كالدنيا والعليا مع كونهما من بنات الواو لكنها جاءت على الأصل كالقود واستصوب وهو أكثر استعمالا من القصيا «والركب» أي العير أو قوادها «أسفل منكم» أي في مكان أسفل من مكانكم يعني الساحل وهو نصب على الظرفية واقع موقع الخبر والجملة حال من الظرف قبله وفائدتها الدلالة على قوة العدو واستظهارهم بالركب وحرصهم على المقاتلة عنها وتوطين نفوسهم على أن لا يخلوا مراكزهم ويبذلوا منتهى جهدهم وضعف شأن المسلمين والتياث أمرهم واستبعاد غلبتهم عادة وكذا ذكر مراكز الفريقين فإن العدوة الدنيا كانت
(٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 8 - سورة الأنفال 2
2 قوله تعالى: إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون. 15
3 (الجزء العاشر) قوله تعالى: واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه و للرسول ولذي القربى واليتامى الخ 22
4 9 - سورة التوبة 39
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل الخ 62
6 قوله تعالى: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها و المؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي السبيل الله وابن السبيل. 76
7 (الجزء الحادي عشر) قوله تعالى: إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف. 93
8 قوله تعالى: وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة الخ. 111
9 10 - سورة يونس عليه السلام 115
10 قوله تعالى: الذين أحسنوا الحسنى وزيادة. 138
11 قوله تعالى: واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت. 164
12 11 - سورة هود عليه السلام 182
13 (الجزء الثاني عشر) قوله تعالى: وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها. 186
14 قوله تعالى: وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها إن ربي فغفور رحيم. 209
15 قوله تعالى: وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 231
16 12 - سورة يوسف عليه السلام 250
17 قوله تعالى: وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي. 285
18 قوله تعالى: رب قد آتيتني من الملك و علمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض. 308