أنكم تخونون أو أنتم علماء تميزون الحسن من القبيح «واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة» لأنها سبب الوقوع في الإثم والعقاب أو محنة من الله عز وجل ليبلوكم في ذلك فلا يحملنكم حبهما على الخيانة كأبي لبابة «وأن الله عنده أجر عظيم» لمن أثر رضاه تعالى عليهما وراعى حدوده فيهما فنيطوا هممكم بما يؤديكم إليه «يا أيها الذين آمنوا» تكرير الخطاب والوصف بالإيمان لإظهار كمال العناية بما بعده والإيذان بأنه مما يقتضي الإيمان مراعاته والمحافظة عليه كما في الخطابين السابقين «إن تتقوا الله» أي في ما تأتون وما تذرون «يجعل لكم» بسبب ذلك «فرقانا» هداية في قلوبكم تفرقون بها بين الحق والباطل أو نصرا يفرق بين المحق والمبطل بإعزاز المؤمنين وإذلال الكافرين أو مخرجا من الشبهات أو نجاة عما تحذرون في الدارين أو ظهورا يشهر أمركم وينشر صيتكم من قولهم بت أفعل كذا حتى سطح الفرقان أي الصبح «ويكفر عنكم سيئاتكم» أي يسترها «ويغفر لكم» ذنوبكم بالعفو والتجاوز عنها وقيل السيئات الصغائر والذنوب الكبائر وقيل المراد ما تقدم وما تأخر لأنها في أهل بدر وقد غفرهما الله تعالى لهم وقوله تعالى «والله ذو الفضل العظيم» تعليل لما قبله وتنبيه على أن ما وعده الله تعالى لهم على التقوى تفضل منه وإحسان لا أنه مما يوجبه التقوى كما إذا وعد السيد عبده إنعاما على عمل «وإذ يمكر بك الذين كفروا» منصوب على المفعولية بمضمر خوطب به النبي صلى الله عليه وسلم معطوف على قوله تعالى واذكروا إذ أنتم الخ مسوق لتذكير النعمة الخاصة به صلى الله عليه وسلم بعد تذكير النعمة العامة للكل أي واذكر وقت مكرهم بك «ليثبتوك» بالوثاق ويعضده قراءة من قرأ ليقيدوك أو الاثخان بالجرح من قولهم ضربه حتى أثبته لا حراك به ولا براح وقريء ليثبتوك بالتشديد وليبيتوك من البيات «أو يقتلوك» أي بسيوفهم «أو يخرجوك» أي من مكة وذلك أنهم لما سمعوا بإسلام الأنصار ومبايعتهم له صلى الله عليه وسلم فرقوا واجتمعوا في دار الندوة يتشاورون في أمره صلى الله عليه وسلم فدخل إبليس عليهم في صورة شيخ وقال أنا من نجد سمعت باجتماعكم فأردت أن أحضركم ولن تعدموا مني رأيا ونصحا فقال أبو البحتري رأيي أن تحبسوه في بيت وتسدوا منافذه غير كوة تلقون إليه طعامه وشرابه منها حتى يموت فقال الشيخ بئس الرأي يأتيكم من يقاتلكم من قومه ويخلصه من أيديكم فقال هشام بن عمرو رأيي أن تحملوه على جمل وتخرجوه من أرضكم فلا يضركم ما صنع فقال وبئس الرأي يفسد قوما غيركم ويقاتلكم بهم فقال أبو جهل أنا أرى أن تأخذوا
(١٨)