الرتبة وإظهار الأمر في موقع الإضمار لزيادة تقرير يقتضيها مقام الأمر بالإظهار الذي يستلزمه النهى عن التستر والإسرار وقيل المراد بأمرهم ما يعتريهم من جهته صلى الله عليه وسلم من الحال الشديدة عليهم المكروهة لديهم والغمة والغم كالكربة والكرب وثم للتراخى الزماني والمعنى لا يكن حالكم عليكم غمة وتخلصوا بإهلاكى من ثقل مقامي وتذكيري ولا يخفى أنه لا يساعده قوله عز وجل «ثم اقضوا إلي ولا تنظرون» أي أدوا إلى أي أحكموا ذلك الأمر الذي تريدون بي ولا تمهلونى كقوله تعالى وقضينا إليه ذلك الأمر أو أدوا إلى ما هو حق عليكم عندكم من إهلاكى كما يقضى الرجل غريمه فإن توسيط ما يحصل بعد الإهلاك بين الأمر بالعزم على مباديه وبين الأمر بقضائه من قبيل الفصل بين الشجر ولحائه وقرئ أفضوا بالفاء أي انتهوا إلى بشركم أو ابرزوا إلى من أفضى إذا خرج إلى الفضاء «فإن توليتم» الفاء لترتيب التولي على ما سبق فالمراد به إما الاستمرار عليه وإما إحداث التولي المخصوص أي إن أعرضتم عن نصيحتى وتذكيري إثر ما شاهدتم منى من مخايل صحة ما أقول ودلائلها التي من جملتها دعوتي إياكم جميعا إلى تحقيق ما تريدون بي من السوء غير مبال بكم وبما يأتي منكم وإحجامكم من الإجابة علما منكم بأنى على الحق المبين مؤيد من عند الله العزيز «فما سألتكم» بمقابلة وعظى وتذكيري «من أجر» تؤدونه إلى حتى يؤدى ذلك إلى توليكم إما لاتهامكم إياي بالطمع والسؤال وإما لثقل دفع المسؤول عليكم أو حتى يضرني توليكم المؤدى إلى الحرمان فالأول لإظهار بطلان التولي ببيان عدم ما يصححه والثاني لإظهار عدم مبالاته صلى الله عليه وسلم بوجوده وعدمه وعلى التقديرين فالفاء الجزائية لسببية الشرط لإعلام مضمون الجزاء لا لنفسه والمعنى إن توليتم فاعلموا أن ليس في مصحح له ولا تأثر منه وقوله عز وجل «إن أجري إلا على الله» ينتظم المعنيين جميعا خلا أنه على الأول تأكيد وعلى الثاني تعليل لاستغنائه صلى الله عليه وسلم عنهم أي ما ثوابي على العظة والتذكير إلا عليه تعالى يثيبنى به آمنتم أو توليتم «وأمرت أن أكون من المسلمين» المنقادين لحكمه لا أخالف أمره ولا أرجو غيره أو المستسلمين لكل ما يصيب من البلاء في طاعة الله تعالى «فكذبوه» فأصروا على ما هم عليه من التكذيب بعد ما ألزمهم الحجة وبين لهم المحجة وحقق أن توليهم ليس له سبب غير التمرد والعناد فلا جرم حقت عليهم كلمة العذاب «فنجيناه ومن معه في الفلك» من المسلمين وكانوا ثمانين «وجعلناهم خلائف» من الهالكين «وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا» أي بالطوفان وتأخير ذكره عن ذكر الإنجاء والاستخلاف حسبما وقع في قوله عز وعلا ولما جاء أمرنا نجينا شعيبا والذين آمنوا معه برحمة منا وأخذت الذين ظلموا الصيحة وغير ذلك من الآيات الكريمة لإظهار كمال العناية بشأن المقدم ولتعجيل المسرة للسامعين وللإيذان بسبق الرحمة التي هي من مقتضيات الربوبية على الغضب الذي هو من مستتبعات
(١٦٥)