تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٤ - الصفحة ١٤٢
أنفسكم عذابه الذي ذكر لكم بما تتعاطونه من إشراككم به ما لا يشاركه في شئ مما ذكر من خواص الإلهية «فذلكم» فذلكة لما تقدم أي ذلكم الذي اعترفتم باتصافه بالنعوت المذكورة وهو مبتدأ وقوله تعالى «الله» خبره وقوله تعالى «ربكم» أي مالككم ومتولي أموركم على الإطلاق بدل منه أو بيان له وقوله تعالى الحق صفة له أي ربكم الثابت ربوبيته والمتحقق ألوهيته تحققا لا ريب فيه فماذا يجوز أن يكون الكل اسما واحدا قد غلب فيه الاستفهام على اسم الإشارة وأن يكون ذا موصولا بمعنى الذي أي ما الذي «بعد الحق» أي غيره بطريق الاستعارة وإظهار الحق إما لأن المراد به غير الأول وإما لزيادة التقرير ومراعاة كمال المقابلة بينه وبين الضلال والاستفهام إنكاري بمعنى إنكار الوقوع ونفيه أي ليس غير الحق «إلا الضلال» الذي لا يختاره أحد فحيث ثبت أن عبادة من هو منعوت بما ذكر من النعوت الجميلة حق ظهر أن ما عداها من عبادة الأصنام ضلال محض إذ لا واسطة بينهما وإنما سميت ضلالا مع كونها من أعمال الجوارح باعتبار ابتنائها على ما هو ضلال من الاعتقاد والرأي هذا على تقدير كون الحق عبارة عن التوحيد وأما علي تقدير كونه عبارة عن الأول فالمراد بالضلال هو الأصنام لا عبادتها والمعنى فماذا بعد الرب الحق الثابت ربوبيته إلا الضلال أي الباطل الضائع المضمحل وإنما سمى بالمصدر مبالغة كأنه نفس الضلال والضياع وهذا أنسب بقوله تعالى وضل عنهم ما كانوا يفترون على التفسير الثاني «فأنى تصرفون» استفهام إنكاري بمعنى إنكار الواقع واستبعاده والتعجيب منه وفيه من المبالغة ما ليس في توجيه الإنكار إلى نفس الفعل لأن كل موجود لا بد من أن يكون وجوده على حال من الأحوال قطعا فإذا انتفى جميع أحوال وجوده فقد انتفى وجوده علي الطريق البرهاني كما مر مرارا والفاء لترتيب الإنكار على ما قبله أي كيف تصرفون من الحق الذي لا محيد عنه وهو التوحيد إلى الضلال عن السبيل المستبين وهو الإشراك وعبادة الأصنام أو من عبادة ربكم الحق الثابت ربوبيته إلى عبادة الباطل الذي سمعتم ضلاله وضياعه في الآخرة وفى إيثار صيغة المبنى للمفعول إيذان بأن الانصراف من الحق إلى الضلال مما لا يصدر عن العاقل بإرادته وإنما يقع عند وقوعه بالقسر من جهة صارف خارجي «كذلك» أي كما حقت الربوبية لله تعالى أو كما أنه ليس بعد الحق إلا الضلال أو أنهم مصروفون عن الحق «حقت كلمة ربك» وحكمه وقضاؤه على الذين فسقوا أي تمردوا في الكفر وخرجوا من أقصى حدوده «أنهم لا يؤمنون» بدل الكلمة من أو تعليل لحقيتها والمراد بها العدة بالعذاب «قل
(١٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 8 - سورة الأنفال 2
2 قوله تعالى: إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون. 15
3 (الجزء العاشر) قوله تعالى: واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه و للرسول ولذي القربى واليتامى الخ 22
4 9 - سورة التوبة 39
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل الخ 62
6 قوله تعالى: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها و المؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي السبيل الله وابن السبيل. 76
7 (الجزء الحادي عشر) قوله تعالى: إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف. 93
8 قوله تعالى: وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة الخ. 111
9 10 - سورة يونس عليه السلام 115
10 قوله تعالى: الذين أحسنوا الحسنى وزيادة. 138
11 قوله تعالى: واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت. 164
12 11 - سورة هود عليه السلام 182
13 (الجزء الثاني عشر) قوله تعالى: وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها. 186
14 قوله تعالى: وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها إن ربي فغفور رحيم. 209
15 قوله تعالى: وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 231
16 12 - سورة يوسف عليه السلام 250
17 قوله تعالى: وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي. 285
18 قوله تعالى: رب قد آتيتني من الملك و علمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض. 308