والأمانة والإنذار وتفصيلها وإذ منصوب باذكروا على المفعولية دون الظرفية وتوجيه الأمر بالذكر إلى الوقت دون ما وقع فيه من الحوادث مع أنها المقصودة بالذات للمبالغة في إيجاب ذكرها لما أن إيجاب ذكر الوقت إيجاب لذكر ما فيه بالطريق البرهاني ولأن الوقت مشتمل عليها فإذا استحضر كانت هي حاضرة بتفاصيلها كأنها مشاهدة عيانا ولعله معطوف على مقدرة كأنه قيل لا تعجبوا من ذلك أو تدبروا في أمركم واذكروا وقت جعله تعالى إياكم خلفاء «من بعد قوم نوح» أي في مساكنهم أو في الأرض بأن جعلكم ملوكا فإن شداد بن عاد ممن ملك معمورة الأرض من رمل عالج إلى شحر عمان «وزادكم في الخلق» أي من الإبداع والتصوير أو في الناس «بسطة» قامة وقوة فإنه لم يكن في زمانهم مثلهم في عظم الإجرام قال الكبي والسدي كانت قامة الطويل منهم مائة ذراع وقامة القصير ستين ذراعا «فاذكروا آلاء الله» التي أنعم بها عليكم من فنون النعماء التي هذه من جملتها وهذا تكرير للتذكير لزيادة التقرير وتعميم إثر تخصيص «لعلكم تفلحون» كي يؤديكم ذلك إلى الشكر المؤدي إلى النجاة من الكروب والفوز بالمطلوب «قالوا» مجيبين عن تلك النصائح العظيمة «أجئتنا لنعبد الله وحده» أي لنخصه بالعبادة «ونذر ما كان يعبد آباؤنا» أنكروا عليه عليه السلام مجيئه لتخصيصه تعالى بالعبادة والإعراض عن عبادة الأوثان أنهما كان في التقليد وحبا لما ألفوه وألفوا أسلافهم عليه ومعنى المجىء إما مجيئه عليه السلام من متعبده ومنزله وإما من السماء على التهكم وإما القصد والتصدي مجازا كما يقال في مقابله ذهب يشتمني من غير إرادة معنى الذهاب «فأتنا بما تعدنا» من العذاب والمدلول عليه بقوله تعالى أفلا تتقون «إن كنت من الصادقين» أي في الإخبار بنزول العذاب وجواب إن محذوف لدلالة المذكور عليه أي فأت به «قال قد وقع عليكم» أي وجب وحق أو نزل بإصراركم هذا بناء على تنزيل المتوقع منزلة الواقع كما في قوله تعالى أتى أمر الله «من ربكم» أي من جهته تعالى وتقديم الظرف الأول على الثاني مع أن مبدأ الشيء متقدم على منتهاه للمسارعة إلى بيان إصابة المكروه لهم وكذا تقديمهما على الفاعل الذي هو قوله تعالى «رجس» مع ما فيه من التشويق إلى المؤخر ولأن فيه نوع طول بما عطف عليه من قوله تعالى «وغضب» فربما يخل تقديمهما بتجاوب النظم الكريم والرجس العذاب من الارتجاس الذي هو الاضطراب والغضب إرادة الانتقام للتفخيم والتهويل «أتجادلونني في أسماء» عارية عن المسمى «سميتموها» أي سميتم بها «أنتم وآباؤكم» إنكار واستقباح لإنكارهم مجيئه عليه السلام داعيا لهم إلى عبادة الله تعالى وحده وترك
(٢٣٩)