«هل ينظرون إلا تأويله» أي ما ينتظر هؤلاء الكفرة بعدم إيمانهم به إلا ما يؤول إليه أمره من تبين صدقه بظهور ما أخبر به من الوعد والوعيد «يوم يأتي تأويله» وهو يوم القيامة «يقول الذين نسوه من قبل» أي تركوه ترك المنسي من قبل إتيان تأويله «قد جاءت رسل ربنا بالحق» اي قد تبين أنهم قد جاءوا بالحق «فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا» ويدفعوا عنا العذاب «أو نرد» أي هل نرد إلى الدنيا وقرئ بالنصب عطفا على فيشفعوا أو لأن أو بمعنى إلى أن فعلى الأول المسؤول أحد الأمرين إما الشفاعة لدفع العذاب أو الرد إلى الدنيا وعلى الثاني أن يكون لهم شفعاء إما لأحد الأمرين أو لأمر واحد هو الرد «فنعمل» بالنصب على أنه جواب الاستفهام الثاني وقرئ بالرفع أي فنحن نعمل «غير الذي كنا نعمل» أي في الدنيا «قد خسروا أنفسهم» بصرف أعمارهم التي هي راس مالهم إلى الكفر والمعاصي «وضل عنهم ما كانوا يفترون» اي ظهر بطلان ما كانوا يفترونه من أن الأصنام شركاء لله تعالى وشفعاؤهم يوم القيامة «إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام» شروع في بيان مبدأ الفطرة إثر بيان معاد الكفرة أي إن خالقكم ومالككم الذي خالق الأجرام العلوية والسفلية في ستة أوقات كقوله تعالى ومن يولهم يومئذ دبره أو في مقدار ستة أيام فإن المتعارف أن اليوم زمان طلوع الشمس إلى غروبها ولم تكن هي حينئذ وفي خلق الأشياء مدرجا مع القدرة على إبداعها دفعة دليل على الاختيار واعتبار للنظار وحث على التأني في الأمور «ثم استوى على العرش» أي استوى أمره واستولى وعن أصحابنا أن الاستواء على العرش صفة لله تعالى بلا كيف والمعنى أنه تعالى استوى على العرش على الوجه الذي عناه منزها عن الاستقرار والتمكن والعرش الجسم المحيط بسائر الأجسام سمي به لارتفاعه أو للتشبيه بسرير الملك فإن الأمور والتدابير تنزل منه وقيل الملك «يغشي الليل النهار» أي يغطيه به ولم يذكر العكس للعلم به أو لأن اللفظ يحتملهما ولذلك قرىء بنصب الليل ورفع النهار وقرئ بالتشديد للدلالة على التكرار «يطلبه حثيثا» أي يعقبه سريعا كالطالب له لا يفصل بينهما شيء والحثيث فعيل من الحث وهو صفة مصدر محذوف أو حال من الفاعل أو من المفعول بمعنى حاثا أو محثوثا «والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره» أي خلقهن حال كونهن مسخرات بقضائه وتصريفه وقرئ كلها بالرفع على
(٢٣٢)