تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ٢٢١
فنزلهما على الكل من الشجرة وفيه تنبيه على أنه أهبطهما بذلك من درجة عالية فإن التدلية والإدلاء إرسال الشيء من الأعلى إلى السفل «بغرور» بما غرهما به من القسم فإنهما ظنا أن أحدا لا يقسم بالله كاذبا أو متلبسين بغرور «فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوآتهما» أي فلما وجدا طعمها آخذين في الأكل منها أخذتهما العقوبة وشؤم المعصية فتهافت عنهما لباسهما وظهرت لهما عوراتهما واختلف في أن الشجرة كانت السنبلة والكرم أو غيرهما وأن اللباس كان نورا أو ظفرا «وطفقا يخصفان» طفق من أفعال الشروع والتلبس كأخذ وجعل وأنشأ وهب وانبرى أي أخذا يرقعان ويلزقان ورقة فوق ورقة «عليهما من ورق الجنة» قيل كان ذلك ورق التين وقرئ يخصفان من أخصف أي يخصفان أنفسهما ويخصفان من التخصيف ويخصفان أصله يختصفان «وناداهما ربهما» مالك أمرهما بطريق العتاب والتوبيخ «ألم أنهكما» وهو تفسير للنداء فلا محل له من الإعراب أو معمول لقول محذوف أي وقال أو قائلا ألم أنهكما «عن تلكما الشجرة» ما في اسم الإشارة من معنى البعد لما أنه إشارة إلى الشجرة التي نهى عن قربانها «وأقل لكما» عطف على أنهكما أي ألم أقل لكما «إن الشيطان لكما عدو مبين» وهذا عتاب وتوبيخ على الاغترار بقول العدو كما أن الأول عتاب على مخالفة النهي قيل فيه دليل على أن مطلق النهي للتحريم ولكما متعلق بعدو لما فيه من معنى الفعل أو بمحذوف هو حال من عدو ولم يحك هذا القول ههنا وقد حكى في سورة طه بقوله تعالى إن هذا عدو لك ولزوجك الآية روي أنه تعالى قال لآدم ألم يكن فيما منحتك من شجر الجنة مندوحة عن هذه الشجرة فقال بلى وعزتك ولكن ما ظننت أن أحدا من خلقك يحلف بك كاذبا قال فبعزتي لأهبطنك إلى الأرض ثم لا تنال العيش إلا كدا فاهبط وعلم صنعة الحديد وأمر بالحرث فحرث وسقى وحصد ودرس وذرى وعجن وخبز «قالا ربنا ظلمنا أنفسنا» أي ضررناها بالمعصية والتعريض للإخراج من الجنة «وإن لم تغفر لنا» ذلك «وترحمنا لنكونن من الخاسرين» وهو دليل على أن الصغائر يعاقب عليها إن لم تغفر وقال المعتزلة لا يجوز المعاقبة عليها مع اجتناب الكبائر ولذلك حملوا قولهما ذلك على عادات المقربين في استعظام الصغير من السيئات واستصغار العظيم من الحسنات «قال» استئناف كما مر مرارا «اهبطوا» خطاب لآدم وحواء وذريتهما أو لهما ولإبليس كررا الأمر له تبعا لهما ليعلم أنهم قرناء أبدا أو أخبر عما قال لهم مفرقا كما في قوله تعالى يا أيها الرسل كلوا من الطيبات ولم يذكر ههنا قبول توبتهما ثقة بما ذكر في سائر المواضع «بعضكم لبعض عدو» جملة حالية من فاعل اهبطوا أي متعادين «ولكم في الأرض مستقر» اي استقرار أو موضع استقرار «ومتاع» اي تمتع وانتفاع «إلى حين» هو حين انقضاء آجالكم «قال» أعيد الاستئناف إما للإيذان بعدم اتصال ما بعده بما قبله كما في قوله تعالى قال فما خطبكم أيها المرسلون إثر قوله تعالى قال ومن
(٢٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302