تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ٤
به عن شبههم وتحقيقا للحق الذي فيه يمترون «نزل عليك الكتاب» أي القرآن عبر عنه باسم الجنس إيذانا بكمال تفوقه على بقية الأفراد في حيازة كمالات الجنس كأنه هو الحقيق بان يطلق عليه اسم الكتاب دون ما عداه كما يلوح به التصريح باسمي التوراة والإنجيل وصيغة التفعيل للدلالة على التنجيم وتقديم الظرف على المفعول لما مر من الاعتناء بالمقدم والتشويق إلى المؤخر والجملة إما مستأنفة أو خبر آخر عن الاسم الجليل أو هي الخبر وقوله تعالى لا إله إلا هو اعتراض أو حال وقوله عز وجل الحي القيوم صفة أو بدل كما مر وقرئ نزل عليك الكتاب بالتخفيف ورفع الكتاب فالظاهر حينئذ أن تكون مستأنفة وقيل يجوز كونها خبرا بحذف العائد أي نزل الكتاب من عنده «بالحق» حال من الفاعل أو المفعول أي نزله محقا في تنزيله على ما هو عليه أو ملتبسا بالعدل في أحكامه أو بالصدق في أخباره التي من جملتها خبر التوحيد وما يليه وفي وعده ووعيده أو بما يحقق انه من عند الله تعالى من الحجج البينة «مصدقا» حال من الكتاب بالاتفاق على تقدير كون قوله تعالى بالحق حالا من فاعل نزل وأما على تقدير حاليته من الكتاب فهو عند من يجوز تعدد الحال بلا عطف ولا بدلية حال منه بعد حال وأما عند من يمنعه فقد قيل إنه حال من محل الحال الأولى على البدلية وقيل من المستكن في الجار والمجرور لأنه حينئذ يتحمل ضميرا لقيامه مقام عامله المتحمل له فيكون حالا متداخلة وعلى كل حال فهي حال مؤكدة وفائدة تقييد التنزيل بها حث أهل الكتابين على الإيمان بالمنزل وتنبيههم على وجوبه فإن الإيمان بالمصدق موجب للإيمان بما يصدقه حتما «لما بين يديه» مفعول لمصدقا واللام دعامة لتقوية العمل نحو فعال لما يريد أي مصدقا لما قبله من الكتب السالفة وفيه إيماء إلى حضورها وكمال ظهور امرها بين الناس وتصديقه إياها في الدعوة إلى الإيمان والتوحيد وتنزيه الله عز وجل عما لا يليق بشأنه الجليل والأمر بالعدل والإحسان وكذا في انباء الأنبياء والأمم الخالية وكذا في نزوله على النعت المذكور فيها وكذا في الشرائع التي لا تختلف باختلاف للأمم والأعصار ظاهر لا ريب فيه وأما في الشرائع المختلفة باختلافهما فمن حيث إن أحكام كل واحد منها واردة حسبما تقتضيه الحكمة التشريعية بالنسبة إلى خصوصيات الأمم المكلفة بها مشتملة على المصالح اللائقة بشأنهم «وأنزل التوراة والإنجيل» تعيين لما بين يديه وتبيين لرفعة محله تأكيدا لما قبله وتمهيدا لما بعده إذ بذلك يترقى شأن ما يصدقه رفعة ونباهة ويزداد في القلوب قبولا ومهابة ويتفاحش حال من كفر بهما في الشناعة واستتباع ما سيذكر من العذاب الشديد والانتقام أي أنزلهما جملة على موسى وعيسى عليهما السلام وإنما لم يذكرا لأن الكلام في الكتابين لا فيمن أنزلا عليه وهما اسمان أعجميان الأول عبري والثاني سرياني ويعضده القراءة بفتح همزة الإنجيل فإن أفعيل ليس من أبنية العرب والتصدي لإشتقاقهما من الورى والنجل تعسف «من قبل» متعلق بأنزل
(٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254