الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٥ - الصفحة ٢٩
الله وأثنى عليه فقال أيها الناس من يعذرني ممن يؤذيني فقام إليه سعد بن معاذ فسل سيفه وقال يا رسول الله انا أعذرك منه ان يكن من الأوس أتيتك برأسه وان يكن من الخزرج أمرتنا بأمرك فيه فقام سعد بن عبادة فقال كذبت والله ما تقدر على قتله انما طلبتنا بذحول كانت بيننا وبينكم في الجاهلية فقال هذا يا للأوس وقال هذا يا للخزرج فاضطربوا بالنعال والحجارة فتلاطموا فقام أسيد بن حضير فقال فيم الكلام هذا رسول الله يأمرنا بأمره فنفعله عن رغم أنف من رغم ونزل جبريل وهو على المنبر فلما سرى عنه تلا عليهم ما نزل به جبريل وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا إلى آخر الآيات فصاح الناس رضينا بمال أنزل الله وقام بعضهم إلى بعض وتلازموا وتصايحوا فنزل النبي صلى الله عليه وسلم عن المنبر وأبطأ الوحي في عائشة فبعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد وبريرة وكان إذا أراد أن يستشير في أمر أهله لم يعد عليا وأسامة بن زيد بعد موت أبيه زيد فقال لعلى ما تقول في عائشة فقد أهمنى ما قال الناس قال يا رسول الله قد قال الناس وقد حل لك طلاقها وقال لأسامة ما تقول أنت قال سبحان الله ما يحل لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم فقال لبريرة ما تقولين يا بريرة قالت والله يا رسول الله ما علمت على أهلك الا خيرا الا انها امرأة نؤم تنام حتى تجئ الداجن فتأكل عجينها وان كان شئ من هدا ليخبرنك الله فخرج النبي صلى الله عليه وسلم حتى أتى منزل أبى بكر فدخل عليها فقال يا عائشة ان كنت فعلت هذا الامر فقولي لي حتى أستغفر الله فقالت والله لا أستغفر الله منه أبدا ان كنت قد فعلته فلا غفر الله لي وما أجد مثلي ومثلكم الا مثل أبى يوسف اذهب اسم يعقوب من الأسف قال انما أشكوا بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يكلمها إذ نزل جبريل بالوحي فأخذت النبي صلى الله عليه وسلم نعسة فسرى وهو يتبسم فقال يا عائشة ان الله قد أنزل عذرك فقالت بحمد الله لا بحمدك فتلا عليها سورة النور إلى الموضع الذي انتهى إليه عذرها وبراءتها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قومي إلى البيت فقامت وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد فدعا أبا عبيدة بن الجراح فجمع الناس ثم تلا عليهم ما أنزل الله من البراءة لعائشة وبعث إلى عبد الله بن أبي فجئ به فضربه النبي صلى الله عليه وسلم حدين وبعث إلى حسان ومسطح وحمنة فضربوا ضربا وجيعا ووجئ في رقابهم قال ابن عمر انما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أبي حدين لأنه من قذف أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فعليه حدان فبعث أبو بكر إلى مسطح لأوصلتك بدرهم أبدا ولا عطفت عليك بخير أبدا ثم طرده أبو بكر وأخرجه من منزله ونزل القرآن ولا يأتل أولو الفضل منكم إلى آخر الآية فقال أبو بكر أما إذ نزل القرآن يأمرني فيك لأضاعفن لك وكانت امرأة عبد الله بن أبي منافقة معه فنزل القرآن الخبيثات يعنى امرأة عبد الله للخبيثين يعنى عبد الله والخبيثون للخبيثات عبد الله وامرأته والطيبات يعنى عائشة وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم للطيبين يعنى النبي صلى الله عليه وسلم * وأخرج الطبراني وابن مردويه عن أبي اليسر الأنصاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة يا عائشة قد أنزل الله عذرك قالت بحمد الله لا بحمدك فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من عند عائشة فبعث إلى عبد الله بن أبي فضربه حدين وبعث إلى مسطح وحمنة فضربهم * وأخرج الطبراني عن ابن عباس ان الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم يريد ان الذين جاؤوا بالكذب على عائشة أم المؤمنين أربعة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم يريد خير الرسول الله صلى الله عليه وسلم وبراءة لسيدة نساء المؤمنين وخير لأبي بكر وأم عائشة وصفوان بن المعطل لكل امرئ منهم ما اكتسب من الاثم والذي تولى كبره منهم يريد اشاعته منهم يريد عبد الله بن أبي ابن سلول له عذاب عظيم يريد في الدنيا جلده رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي الآخرة مصيره إلى النار لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استشار فيها بريرة وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا خيرا وقالوا هذا كذب عظيم لولا جاؤوا عليه بأربعة شهداء لكانوا هم والذين شهدوا كاذبين فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون يريد الكذب بعينه ولولا فضل الله عليكم ورحمته يريد ولولا ما من الله به عليكم وستركم هذا بهتان عظيم يريد البهتان الافتراء مثل قوله في مريم بهتانا عظيما يعظكم الله أن تعودوا لمثله يريد مسطحا وحمنة وحسان ويبين الله لكم الآيات التي أنزلها في عائشة والبراءة لها والله عليم بما في قلوبكم من
(٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 ... » »»
الفهرست