الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٥ - الصفحة ٤٠
غير مسكونة قال هي هذه الخانات التي في الطرق * وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عطاء في قوله فيها متاع لكم قال الخلاء والبول وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في قوله بيوتا غير مسكونة قال هي البيوت الخربة لقضاء الحاجة * وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم النخعي مثله * وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك في قوله فيها متاع لكم يعنى الخانات ينتفع بها من المطر والحر والبرد * وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله بيوتا غير مسكونة قال هي البيوت التي ينزلها الناس في أسفارهم لا أحد فيها وفي قوله فيها متاع لكم قال بلغة ومنفعة * وأخرج أبو يعلى وابن جرير وابن مردويه عن أنس قال قال رجل من المهاجرين لقد طلبت عمري كله هذه الآية فما أدركتها ان استأذن على بعض إخواني فيقول لي ارجع فارجع وأنا مغتبط لقوله تعالى وان قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم * وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان قال كان الرجل في الجاهلية إذا لقى صاحبه لا يسلم عليه يقول حييت صباحا وحييت مساء وكان ذلك تحية القوم بينهم وكان أحدهم ينطلق إلى صاحبه فلا يستأذن حتى يقتحم ويقول قد دخلت فيشق ذلك على الرجل ولعله يكون مع أهله فغير الله ذلك كله في ستر وعفة فقال لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم الآية فلما نزلت آية التسليم في البيوت والاستئذان فقال أبو بكر يا رسول الله فكيف بتجار قريش الذين يختلفون بين مكة والمدينة والشام وبيت المقدس ولهم بيوت معلومة على الطريق فكيف يستأذنون ويسلمون وليس فيهم سكان فرخص الله في ذلك فأنزل الله ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة بغير اذن * وأخرج البخاري في الأدب وأبو داود في الناسخ وابن جرير عن ابن عباس قال يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ففسح واستثنى من ذلك فقال ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم * قوله تعالى (قل للمؤمنين يغضوا) الآية * أخرج ابن مردويه عن علي بن أبي طالب قال مر رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في طريق من طرقات المدينة فنظر إلى امرأة ونظرت إليه فوسوس لهما الشيطان انه لم ينظر أحدهما إلى الآخر الا اعجابا به فبينا الرجل يمشى إلى جنب حائط ينظر إليها إذ استقبله الحائط فشق أنفه فقال والله لا اغسل الدم حتى آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعلمه أمرى فاتاه فقص عليه قصته فقال النبي صلى الله عليه وسلم هذا عقوبة ذنبك وأنزل الله قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم الآية * وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم الآية أي عما لا يحل لهم ويحفظوا فروجهم أي عما لا يحل لهم * وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم قال من شهواتهم عما يكره الله * وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد ابن جبير قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم يعنى أبصارهم فمن هنا صلة في الكلام يعنى يحفظوا أبصارهم عما لا يحل لهم النظر إليه ويحفظوا فروجهم عن الفواحش ذلك أزكى لهم يعنى غض البصر وحفظ الفرج * وأخرج عبد ابن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبى حاتم عن أبي العالية قال كل آية يذكر فيها حفظ الفرج فهو من الزنا الا هذه الآية في النور ويحفظوا فروجهم ويحفظن فروجهن فهو ان يراها أحد * وأخرج أحمد وعبد بن حميد والبخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال قلت يا رسول الله عوراتنا ما نأتي منها وما نذر قال احفظ عورتك الا من زوجتك أو ما ملكت يمينك قلت يا نبي الله إذا كان القوم بعضهم في بعض قال إن استطعت ان لا يراها أحد فلا يرينها قلت إذا كان أحدنا خاليا قال الله أحق ان يستحى منه من الناس * وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن العلاء بن زياد قال كان يقال لا تتبعن بصرك حسن رداء امرأة فان النظر يجعل شبقا في القلب * وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس قال الشيطان من الرجل على ثلاثة منازل على عينيه وقلبه وذكره وهو من المرأة على ثلاثة على عينها وقلبها وعجزها * وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن مردويه عن جرير البجلي قال سالت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجاة فأمرني ان أصرف بصرى * وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والترمذي والبيهقي في سننه عن بريدة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلى لا تتبع النظرة النظرة فان لك الأولى وليست لك الآخرة * وأخرج ابن أبي شيبة وابن مردويه من حديث على مثله * وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تجلسوا في
(٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 ... » »»
الفهرست