الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٥ - الصفحة ٢٧
الله صلى الله عليه وسلم قالت نعم فاستعبرت وبكيت فسمع أبو بكر صوتي وهو فوق البيت يقرأ فنزل فقال لأمي ما شانها قالت بلغها الذي ذكر من شانها ففاضت عيناه فقال أقسمت عليك أي بنية الا رجعت إلى بيتك فرجعت ولقد جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بيتي فسال عنى خادمي فقالت لا والله ما علمت عليها عيبا الا انها كانت ترقد حتى تدخل الشاة فتأكل خميرها أو عجينها وانتهرها بعض أصحابه فقال اصدقي رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أسقطوا لها به فقالت سبحان الله ما علمت عليها لا ما يعلم الصائغ على تبر الذهب الأحمر فبلغ إلى ذلك الرجل الذي قيل له فقال سبحان الله والله ما كشفت كنف أنثى قط قالت فقتل شهيدا في سبيل الله قالت وأصبح أبواي عندي فلم يزالا حتى دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد صلى العصر ثم دخل وقد اكتنفني أبواي عن يميني وشمالي فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد يا عائشة ان كنت قارفت سوأ أو ظلمت فتوبي إلى الله فان الله يقبل التوبة عن عباده قالت وقد جاءت امرأة من الأنصار فهي جالسة بالباب فقلت ألا تستحي من هذه المرأة ان تذكر شيئا فوعظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فالتفت إلى أبى فقلت أجبه قال ماذا أقول فالتقت إلى أمي فقلت أجيبيه قالت أقول ماذا فلما لم يجيباه تشهدت فحمدت الله وأثنيت عليه ثم قلت أما بعد فوالله لئن قلت لكم انى لم أفعل والله يشهد انى لصادقة ما ذاك بنافعي عندكم وقد تكلمتم به وأشربته قلوبكم وان قلت انى فعلت والله يعلم انى لم أفعل لتقولن قد باءت به على نفسها وإني والله لا أجد لي ولكم مثلا والتمست اسم يعقوب فلم أقدر عليه الا أبا يوسف حين قال فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون وأنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم من ساعته فسكتنا فرفع عنه وإني لأتبين السرور في وجهه وهو يمسح جبينه ويقول أبشري يا عائشة فقد أنزل الله براءتك قالت وقد كنت أشد مما كنت غضبا فقال لي أبواي قومي إليه فقلت والله لا أقوم إليه ولا أحمده ولكن أحمد الله الذي أنزل براءتي لقد سمعتموه فما أنكرتموه ولا غيرتموه وكانت عائشة تقول أما زينب ابنة جحش فعصمها الله بدينها فلم تقل الا خيرا وأما أختها حمنة فهلكت فيمن هلك وكان الذي تكلم فيها مسطح وحسان بن ثابت والمنافق عبد الله بن أبي وهو الذي كان يستوشيه ويجمعه وهو الذي كان تولى كبرء منهم هو وحمنة قالت فحلف أبو بكر ان لا ينفع مسطحا بنافعة أبدا فأنزل الله ولا يأتل أولو الفضل منكم إلى آخر الآية يعنى أبا بكر والسعة ان يؤتوا أولى القربى والمساكين يعنى مسطحا إلى قوله الا تحبون ان يغفر الله لكم والله غفور رحيم قال أبو بكر بلى والله انا نحب ان يغفر الله لنا وعاد له كما كان يصنع * وأخرج أحمد والبخاري وسعيد بن منصور وابن المنذر وابن مردويه عن أم رومان قالت بينا أنا عند عائشة إذ دخلت عليها امرأة فقالت فعل الله بابنها وفعل فقالت عائشة ولم قالت إنه كان فيمن حدث الحديث قالت عائشة وأي حديث قالت كذا وكذا قلت وقد بلغ ذاك رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت نعم قلت وأبا بكر قلت نعم فخرت عائشة مغشيا عليها فما أفاقت الا وعليها حمى بنافض فقمت فزبرتها وجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما شان هذه قلت يا رسول الله أخذتها حمى بنافض قال فلعله من حديث تحدث به قالت واستوت عائشة قاعدة فقالت والله لئن حلفت لا تصدقوني ولئن اعتذرت إليكم لا تعذروني فمثلي ومثلكم كمثل يعقوب وبنيه والله المستعان على ما تصفون وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عذرها فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم معه أبو بكر فدخل فقال يا عائشة ان الله قد انزل عذرك فقالت بحمد الله لا بحمدك فقال لها أبو بكر أتقولين هذا لرسول الله صلى الله عليه وسلم قالت نعم قالت وكان فيمن حدث الحديث رجل كان يعوله أبو بكر فحلف أبو بكر ان لا يصله فأنزل الله ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة إلى آخر الآية قال أبو بكر بلى فوصله * وأخرج البزار وابن مردويه بسند حسن عن أبي هريرة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه فأصاب عائشة القرعة في غزوة بنى المصطلق فلما كان في جوف الليل انطلقت عائشة لحاجة فانحلت قلادتها فذهبت في طلبها وكان مسطح يتيما لأبي بكر وفي عياله فلما رجعت عائشة لم تر العسكر وكان صفوان بن المعطل السلمي يتخلف عن الناس فيصيب القدح والجراب والإداوة فيحمله فنظر فإذا عائشة فغطى وجهه عنها ثم أدنى بعيره منها فانتهى إلى العسكر فقالوا قولا وقالوا فيه قال ثم ذكر الحديث حتى انتهى وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجئ فيقوم على الباب فيقول كيف تيكم حتى جاء يوما فقال أبشري يا عائشة قد انزل الله عذرك فقالت
(٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 ... » »»
الفهرست