الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٥ - الصفحة ٣١
كذب بين لولا جاؤوا عليه يعنى على القذف بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك يعنى الذين قذفوا عائشة عند الله هم الكاذبون في قولهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة من تأخير العقوبة لمسكم فيما أفضتم فيه يعنى فيما قلتم من القذف عذاب عظيم إذ تلقونه بألسنتكم وذلك حين خاضوا في أمر عائشة فقال بعضهم سمعت فلانا يقول كذا وكذا وقال بعضهم بل كان كذا وكذا فقال تلقونه بألسنتكم يقول يرويه بعضكم عن بعض وتقولون بأفواهكم يعنى بألسنتكم من قذفها ما ليس لكم به علم يعنى من غير أن تعلموا ان الذي قلتم من القذف حق وتحسبونه هينا تحسبون ان القذف ذنب هين وهو عند الله عظيم يعنى من الزور لولا إذ سمعتموه يعنى القذف قلتم ما يكون يعنى ألا قلتم ما يكون ما ينبغي لنا ان نتكلم بهذا ولم تره أعيننا سبحانك هذا بهتان عظيم يعنى ألا قلتم هذا كذب عظيم مثل ما قال سعد بن معاذ الأنصاري وذلك أن سعدا لما سمع قول من قال في أمر عائشة قال سبحانك هذا بهتان عظيم والبهتان الذي يبهت فيقول ما لم يكن يعظكم الله ان تعودوا لمثله أبدا يعنى القذف ان كنتم مؤمنين يعنى مصدقين ويبين الله لكم الآيات يعنى ما ذكر من المواعظ ان الذين يحبون ان تشيع الفاحشة تفشو ويظهر الزنا لهم عذاب أليم في الدنيا بالحد وفي الآخرة عذاب النار ولولا فضل الله الآية لعاقبكم بما قلتم لعائشة وان الله رؤوف رحيم حين عفا عنكم فلم يعاقبكم ومن يتبع خطوات الشيطان يعنى تزيينه فإنه يأمر بالفحشاء يعنى بالمعاصي والمنكر مالا يعرف مثل ما قيل لعائشة ولولا فضل الله عليكم ورحمة يعنى نعمته ما زكا ما صلح ولكن الله يزكى يصلح من يشاء فلما أنزل الله عذر عائشة وبرأها وكذب الذين قذفوها حلف أبو بكر ان لا يصل مسطح بن أثاثة بشئ أبدا لأنه كان فيمن ادعى على عائشة من القذف وكان مسطح من المهاجرين الأولين وكان ابن خالة أبى بكر وكان يتيما في حجره فقيرا فلما حلف أبو بكر ان لا يصله نزلت في أبى بكر ولا يأتل أي ولا يحلف أولو الفضل منكم يعنى في الغنى أبا بكر الصديق والسعة يعنى في الرزق أن يؤتوا أولى القربى يعنى مسطح ان أثاثة قرابة أبى بكر وابن خالته والمساكين يعنى ان مسطحا كان فقيرا والمهاجرين في سبيل الله يعنى ان مسطحا كان من المهاجرين وليعفوا وليصفحوا يعنى ليتجاوزوا عن مسطح ألا تحبون ان يغفر الله لكم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر أما تحب أن يغفر الله لك قال بلى يا رسول الله قال فاعف واصفح فقال أبو بكر قد عفوت وصفحت لا أمنعه معروفا بعد اليوم ان الذين يرمون المحصنات يعنى يقذفون بالزنا الحافظات لفروجهن العفائف الغافلات يعنى عن الفواحش يعنى عائشة المؤمنات يعنى الصادقات لعنوا يعنى جلدوا في الدنيا والآخرة يعذبون بالنار يعنى عبد الله بن أبي لأنه منافق له عذاب عظيم يوم تشهد عليهم ألسنتهم يعنى من قذف عائشة يوم القيامة يومئذ يعنى في الآخرة يوفيهم الله دينهم الحق حسابهم العدل لا يظلمهم ويعلمون ان الله هو الحق المبين يعنى العدل المبين الخبيثات يعنى السيئ من الكلام قذف عائشة للخبيثين من الرجال والنساء يعنى الذين قذفوها والخبيثون يعنى من الرجال والنساء للخبيثات يعنى السيئ من الكلام لأنه يليق بهم الكلام السيئ والطيبات يعنى الحسن من الكلام للطيبين من الرجال والنساء يعنى الذين ظنوا بالمؤمنين والمؤمنات خيرا والطيبون من الرجال والنساء للطيبات للحسن من الكلام لأنه يليق بهم الكلام الحسن أولئك يعنى الطيبين من الرجال والنساء مبرؤون مما يقولون هم برآء من الكلام السيئ لهم مغفرة يعنى لذنوبهم ورزق كريم يعنى حسنا في الجنة فلما أنزل الله عذر عائشة ضمها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى نفسه وهي من أزواجه في الجنة * وأخرج الطبراني وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت أنزل الله عذري وكادت الأمة تهلك في سببي فلما سرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرج الملك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي اذهب إلى ابنتك فأخبرها ان الله قد أنزل عذرها من السماء قالت فأتاني أبى وهو يعدو يكاد أن يعثر فقال أبشري يا بنية بابى وأمي فان الله قد أنزل عذرك قلت بحمد الله لا بحمدك ولا بحمد صاحبك الذي أرسلك ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فتناول ذراعي فقلت بيده هكذا فاخذ أبو بكر النعل ليعلوني بهما فمنعته أمي فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أقسمت لا تفعل * وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت والله ما كنت أرجو أن ينزل في كتاب الله ولا أطمع فيه ولكني كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم رؤيا فيذهب ما في نفسه
(٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 ... » »»
الفهرست