الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٥ - الصفحة ٢٢
بكرا وما طلق امرأة قط فاجترأ رجل منا على أن يتزوجها من شدة غيرته فقال سعد يا رسول الله انى لا علم أنها حق وانها من الله ولكني تعجبت انى لو وجدت لكاعا قد تفخذها رجل لم يكن لي ان أهيجه ولا أحركه حتى آتي بأربعة شهداء فوالله لا آتي بهم حتى يقضى حاجته قال فما لبثوا الا يسيرا حتى جاء هلال بن أمية وهو أحد الثلاثة الذين تيب عليهم فجاء من أرضه عشاء فدخل على امرأته فوجد عندها رجلا فرأى بعينه وسمع بأذنيه فلم يهجه حتى أصبح فغدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله انى جئت أهلي عشاء فوجدت عندها رجلا فرأيت بعيني وسمعت بإذني فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جاء به واشتد به واجتمعت الأنصار فقالوا قد ابتلينا بما قال سعد بن عبادة الآن فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم هلال بن أمية وأبطل شهادته في المسلمين فقال هلال والله انى لأرجو أن يجعل الله لي منها مخرجا فقال يا رسول الله انى قد أرى ما اشتد عليك مما جئت به والله يعلم انى لصادق وان رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يأمر بضربه إذ نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي وكان إذا نزل عليه الوحي عرفوا ذلك في تربد جلده فأمسكوا عنه حتى فرغ من الوحي فنزلت والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم الآية فسرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي فقال ابشر يا هلال قد جعل الله لك فرجا ومخرجا فقال هلال قد كنت أرجو ذلك من ربى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلوا إليها فجاءت فتلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهما وذكرهما وأخبرهما أن عذاب الآخرة أشد من عذاب الدنيا فقال هلال والله يا رسول الله لقد صدقت عليها فقالت كذب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لاعنوا بينهما فقيل لهلال اشهد فشهد أربع شهادات بالله انه لمن الصادقين فلما كان في الخامسة قيل لهلال فان عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة وان هذه الموجبة التي توجب عليك العذاب فقال والله لا يعذبني الله عليها كما لم يجلدني عليها فشهد في الخامسة ان لعنة الله عليه ان كان من الكاذبين ثم قيل لها اشهدي فشهدت أربع شهادات بالله انه لمن الكاذبين فلما كان في الخامسة قيل لها اتقى الله فان عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة وان هذه الموجبة التي توجب عليك العذاب فتلكأت ساعة فقالت والله لا أفضح قومي فشهدت في الخامسة أن غضب الله عليها ان كان من الصادقين ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما وقضى انه لا يدعى لأب ولا يرمى ولدها من أجل الشهادات الخمس وقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم انه ليس لها قوت ولا سكنى ولا عدة من أجل انهما تفرقا من غير طلاق ولا متوفى عنها * وأخرج البخاري والترمذي وابن ماجة عن ابن عباس ان هلال بن أمية قذف امرأته عند النبي صلى الله عليه وسلم بشريك بن سحماء فقال النبي صلى الله عليه وسلم البينة أو حد في ظهرك فقال يا رسول الله إذا رأى أحدنا على امرأته رجلا ينطلق يلتمس البينة فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول البينة والا حد في ظهرك فقال هلال والذي بعثك بالحق انى لصادق ولينزلن الله ما يبرئ ظهري من الحد فنزل جبريل فأنزل الله عليه والذين يرمون أزواجهم حتى بلغ ان كان من الصادقين فانصرف النبي صلى الله عليه وسلم فأرسل إليهما فجاء هلال يشهد والنبي صلى الله عليه وسلم يقول الله يعلم أن أحدكما كاذب فهل منكما تائب ثم قامت فشهدت فلما كانت عند الخامسة وقفوها وقالوا انها موجبة فتلكأت ونكصت حتى ظننا انها ترجع ثم قالت لا أفضح قومي سائر اليوم فمضت فقال النبي صلى الله عليه وسلم أبصروها فان جاءت به أكحل العينين سابغ الأليتين خدلج الساقين فهو لشريك بن سحماء فجاءت به كذلك فقال النبي صلى الله عليه وسلم لولا ما مضى من كتاب الله لكان لي ولها شان * وأخرج ابن أبي حاتم وابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فرمى امرأته برجل فكره ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يزل يردده حتى أنزل الله والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء الا أنفسهم حتى فرغ من الآيتين فأرسل إليهما فدعاهما فقال إن الله قد أنزل فيكما فدعا الرجل فقرأ عليه فشهد أربع شهادات بالله انه لمن الصادقين ثم أمر به فامسك على فيه فوعظه فقال له كل شئ أهون عليك من لعنة الله ثم أرسله فقال لعنة الله عليه ان كان من الكاذبين ثم دعا بها فقرأ عليها فشهدت أربع شهادات بالله انه لمن الكاذبين ثم أمر بها فامسك على فيها فوعظها وقال ويحك كل شئ أهون عليك من غضب الله ثم أرسلت فقالت غضب الله عليها ان كان من الصادقين * وأخرج البخاري ومسلم وابن مردويه من طريق
(٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 ... » »»
الفهرست