الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ١ - الصفحة ١٠١
الشيطان فعلمه فان تعلمه خرج منه النور فينظر إليه ساطعا في السماء * وأخرج ابن جرير وابن أبن حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن عائشة أنها قالت قدمت على امرأة من أهل دومة الجندل تبتغى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موته حداثة ذلك تسأله عن شئ دخلت فيه من أمر السخر ولم تعمل به قالت كان لي زوج غاب عنى فدخلت على عجوز فشكوت إليها فقالت إن فعلت ما آمرك فاجعله يأتيك فلما كان الليل جاءتني بكلبين أسودين فركبت أحدهما وركبت الآخر فلم يكن كشئ حتى وقفتا ببابل فإذا أنا برجلين معلقين بأرجلهما فقالا ما جاء بك فقلت أتعلم السحر فقالا انما نحن فتنة فلا تكفري وارجعي فأبيت وقلت لا قالا فاذهبي إلى ذلك التنور فبولي فيه ثم ائت فذهبت فاقشعر جلدي وخفت ثم رجعت إليهما فقلت قد فعلت فقالا ما رأيت فقلت لم أر شيئا فقالا كذبت لم تفعلي ارجعي إلى بلادك ولا تكفري فإنك على رأس أمرك فأبيت فقالا اذهبي إلى ذلك التنور فبولي فيه فذهبت فبلت فيه فرأيت فارسا مقنعا بحديد خرج منى حتى ذهب في السماء وغاب عنى حتى ما أراه وجئتما فقلت قد فعلت فقالا فما رأيت فقلت رأيت فارسا مقنعا خرج منى فذهب في السماء حتى ما أراه قالا صدقت ذلك إيمانك خرج منك اذهبي فقلت للمرأة والله ما اعلم شيئا ولا قالا لي شيئا فقالت لا لم تريدي شيئا الا كان خذي هذا القمح فابذري فبذرت وقلت اطلعي فاطلعت وقلت احقلي فأحقلت ثم قلت افركي فأفركت ثم قلت أيبسي فأيبست ثم قلت اطحني فأطحنت ثم قلت اخبزي فأخبزت فلما رأيت انى لا أريد شيئا الا كان سقط في يدي وندمت والله يا أم المؤمنين ما فعلت شيئا ولا أفعله أبدا فسالت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يومئذ متوافرون فما دروا ما يقولون لها وكلهم خاف أن يفتيها بما لا يعلمه الا أنه قد قال لها ابن عباس أو بعض من كان عنده لو كان أبواك حيين أو أحدهما لكانا يكفيانك * وأخرج ابن المنذر من طريق الأوزاعي عن هارون بن رباب قال دخلت على عبد الملك بن مروان وعنده رجل قد ثنيت له وسادة وهو متكئ عليها فقالوا هذا قد لقى هاروت وماروت فقلت هذا قالوا نعم فقلت حدثنا رحمك الله فأنشأ تحديثا فلم يتمالك من الدموع فقال كنت غلاما حدثا ولم أدرك أبى وكانت أمي تعطيني من المال حاجتي فأنفقه وأفسده وأبذره ولا تسألني أمي عنه فلما طال ذلك وكبرت أحببت ان أعلم من أين لأمي هذه الأموال قال فقلت لها يوما من أن لك هذه الأموال فقالت يا بنى كل وتنعم ولا تسأل فهو خير لك فألححت عليها فقالت إن أباك كان ساحرا فلم أزل أسألها وألح فأدخلتني بيتا فيه أموال كثيرة فقالت يا بنى هذا كله لك فكل وتنعم ولا تسأل عنه فقلت لابد من أين أعلم من أين هذا قال فقالت يا بنى كل وتنعم ولا تسأل فهو خير لك قال فألححت عليها فقالت إن أباك كان ساحرا وجمع هذه الأموال من السحر قال فأكلت ما أكلت ومضى ما مضى ثم تفكرت قلت يوشك ان يذهب هذا المال ويفنى فينبغي ان أتعلم السحر فاجمع كما جمع أبى فقلت لأمي من كان خاصة أبى وصديقه من أهل الأرض قالت فلان لرجل فذكرت إحدى 3 فتجهزت فأتيته فسلمت عليه فقال من الرجل قلت فلان صديقك قال نعم مرحبا ما جاء بك فقد ترك أبوك من المال مالا يحتاج إلى أحد قال فقلت جئت لأتعلم السحر قال يا بنى لا تريده لا خير فيه قلت لابد من أن أتعلمه قال فناشدني وألح على أن لا اطلبه ولا أريده فقلت لابد من أن أتعلمه قال أما إذ أبيت فاذهب فإذا كان يوم كذا وكذا فوافني ههنا قال ففعلت فوافيته قال فاخذ يناشدني أيضا وينهاني ويقول لا تريد السحر لا خير فيه فأبيت عليه فلما رآني قد أبيت قال فإني أدخلك موضعا فإياك أن تذكر الله فيه قال فأدخلني في سرب تحت الأرض قال فجعلت أدخل ثلثمائة وكذا مرقاة ولا أنكر من ضوء النهار شيئا قال فلما بلغت أسفله إذا أنا بهاروت وماروت معلقان بالسلاسل في الهواء قال فإذا أعينهما كالترسة ورؤوسهما ذكر شيئا لا أحفظه ولهما أجنحة فلما نظرت إليهما قلت لا إله إلا الله قال فضربا بأجنحتهما ضربا شديدا وصاحا صياحا شديدا ساعة ثم سكتا ثم قلت أيضا لا إله إلا الله ففعلا مثل ذلك ثم قلت الثالثة ففعلا مثل ذلك أيضا ثم سكتا وسكت فنظرا إلى فقالا لي آدمي فقلت نعم قال قلت ما بالكما حين ذكرت الله فعلتما ما فعلتما قال لا ان ذلك اسم لم نسمعه من حين خرجنا من تحت العرش قالا من أمة من قلت من أمة محمد صلى الله عليه وسلم قالا أوقد بعث قلت نعم قالا اجتمع الناس على رجل واحد أو هم مختلفون قلت قد اجتمعوا على رجل واحد قال فساءهما ذلك فقالا كيف ذات بينهم قلت شئ فسرهما
(١٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 ... » »»
الفهرست