الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ١ - الصفحة ٣٢
بالايمان * وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود في قوله اشتروا الضلالة بالهدى قال أخذوا الضلالة وتركوا الهدى * وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى قال آمنوا ثم كفروا * وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى قال استحبوا الضلال على الهدى فما ربحت تجارتهم قال قد والله رأيتهم خرجوا من الهدى إلى الضلالة ومن الجماعة إلى الفرقة ومن الامن إلى الخوف ومن السنة إلى البدعة * قوله تعالى (مثلهم كمثل الذي استوقد) الآيات * أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والصابوني في المائتين عن ابن عباس في قوله مثلهم كمثل الذي استوقد نارا الآية قال هذا مثل ضربه الله للمنافقين كانوا يعتزون بالاسلام فيناكحهم المسلمون ويوارثونهم ويقاسمونهم الفئ فلما ماتوا سلبهم الله العز كما سلب صاحب النار ضوءه وتركهم في ظلمات يقول في عذاب صم بكم عمى لا يسمعون الهدى ولا يبصرونه ولا يعقلونه أو كصيب هو المطر ضرب مثله في القرآن فيه ظلمات يقول ابتلاء ورعد وبرق تخويف يكاد الربق يخطف أبصارهم يقول يكاد محكم القرآن يدل على عورات المنافقين كلما أضاء لهم مشوا فيه يقول كلما أصاب المنافقون من الاسلام عزا اطمأنوا فان أصاب الاسلام نكبة قاموا ليرجعوا إلى الكفر كقوله ومن الناس من يعبد الله على حرف الآية * وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود وناس من الصحابة في قوله مثلهم كمثل الذي استوقد نارا الآية قال إن ناسا دخلوا في الاسلام مقدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ثم نافقوا فكان مثلهم كمثل رجل كان في ظلمة فأوقد نارا فأضاءت ما حوله من قذى أو أذى فأبصره حتى عرف ما يتقى فبينا هو كذلك إذ طفئت ناره فاقبل لا يدرى ما يتقى من أذى فكذلك المنافق كان في ظلمة الشرك فأسلم فعرف الحلال من الحرام والخير من الشر فبينا هو كذلك إذ كفر فصار لا يعرف الحلال من الحرام ولا الخير من الشر فهم صم بكم فهم الخرس فهم لا يرجعون إلى الاسلام وفى قوله أو كصيب الآية قال كان رجلا من المنافقين من أهل المدينة هربا من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين فأصابهما هذا المطر الذي ذكر الله فيه رعد شديد وصواعق وبرق فجعلا كلما أصابهما الصواعق يجعلان أصابعهما في آذانهما من الفرق ان تدخل الصواعق في مسامعهما فتقتلهما وإذا لمع البرق مشيا في ضوئه وإذا لم يلمع يبصر أقاما مكانهما لا يمشيان فجعلا يقولان ليتنا قد أصبحنا فنأتي محمدا فنضع أيدينا في يده فأصبحا فأتياه فأسلما ووضعا أيديهما في يده وحسن اسلامهما فضرب الله شان هذين المنافقين الخارجين مثلا للمنافقين الذين بالمدينة وكان المنافقون إذا حضروا مجلس النبي صلى الله عليه وسلم جعلوا أصابعهم في آذانهم فرقا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ان ينزل فيهم شئ أو يذكروا بشئ فيقتلوا كما كان ذانك المنافقان الخارجان يجعلان أصابعهما في آذانهما وإذا أضاء لهم مشوا فيه فإذا كثرت أموالهم وولدهم وأصابوا غنيمة وفتحا مشوا فيه وقالوا ان دين محمد حينئذ صدق واستقاموا عليه كما كان ذانك المنافقان يمشيان إذا أضاء بهما الرق وإذا أظلم عليهم قاموا فكانوا إذا هلكت أموالهم وولدهم وأصابهم البلاء قالوا هذا من أجل دين محمد وارتدوا كفارا كما كان ذانك المنافقان حين أظلم البرق عليهما * وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن السدى مثله * وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله كمثل الذي استوقد قال ضربه الله مثلا للمنافق وقوله ذهب الله بنورهم أما النور فهو ايمانهم الذي يتكلمون به وأما الظلمة فهي ضلالهم وكفرهم وفي قوله أو كصيب الآية قال الصيب المطر وهو مثل المنافق في ضوء ما تكلم بما معه من كتاب الله وعمل مراءاة للناس فإذا خلا وحده عمل بغيره فهو في ظلمة ما أقام على ذلك وأما الظلمات فالضلالة وأما البرق فالايمان وهم أهل الكتاب وإذا أظلم عليهم فهو رجل بأخذ بطرف الحق لا يستطيع ان يجاوزه * وأخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله مثلهم الآية قال ضرب الله مثلا للمنافقين يبصرون الحق ويقولون به حتى إذا خرجوا من ظلمة الكفر أطفؤه بكفرهم ونفاقهم فتركهم في ظلمات الكفر لا يبصرون هدى ولا يستقيمون على حق صم بكم عمى عن الخير فهم لا يرجعون إلى هدى ولا إلى خير وفي قوله أو كصيب الآية يقول هم من ظلمات ما هم فيه من الكفر
(٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 ... » »»
الفهرست