لا أنه مجاز (1)، فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: " إن العبد إذا أذنب ذنبا، نكتت نكتة سوداء في قلبه، فإن تاب، ونزع واستغفر، صقل (2) قلبه، وإن زاد، زادت، حتى تغلق قلبه، فذلك
و هو المحكم، يقال: ثوب محقق النسج: أي محكمه. فالحقيقة: الكلام الموضوع موضعه الذي ليس باستعارة، و لا تمثيل، و لا تقديم فيه، و لا تأخير، كقول القائل: أحمد الله على نعمه و إحسانه. وهذا أكثر الكلام، و أكثر أي القرآن و شعر العرب على هذا.
و ينظر: " البحر المحيط " للزركشي (٢ / ١٥٢)، " سلاسل الذهب " له ص (١٨٢)، " التمهيد " للأسنوي ص (١٨٥)، " نهاية السول " له (٢ / ١٤٥)، " منهاج العقول " للبدخشي (١ / ٣٢٧)، " غاية الوصول " للشيخ زكريا الأنصاري " (ص ٤٦).
(١) المجاز مأخوذ من جاز يجوز إذا استن ماضيا، تقول: جاز بنا فلان، و جاز علينا فارس، هذا هو الأصل.
ثم تقول: يجوز أن تفعل كذا: أي ينفذ و لا يرد و لا يمنع. و تقول: عندنا دراهم وضح وازنة، و أخرى تجوزجواز الوازنة: أي: إن هذه و إن لم تكن وازنة فهي تجوز مجازها و جوازها لقربها منها.
فهذا تأويل قولنا: " مجاز " يعني: أن الكلام الحقيقي يمضي لسننه لا يعترض عليه، و قد يكون غيره يجوز جوازه لقربه منه، إلا أن فيه من تشبيه و استعارة و كف ما ليس في الأول، و ذلك كقولنا: عطاء فلان مزن واكف، فهذا تشبيه، و قد جاز مجاز قوله: عطاؤه كثير واف. و من هذا قوله تعالى: (سنسمه على الخرطوم) [القلم: ١٦]. فهذا استعارة.
و قال ابن جني في " الخصائص ": الحقيقية ما أقر في الاستعمال على أصل وضعه في اللغة، و المجاز: ما كان بضد ذلك، و إنما يقع المجاز و يعدل إليه عن الحقيقة لمعان ثلاثة: وهي الاتساع، و التوكيد، و التشبيه، فإن عدمت الثلاثة تعديت الحقيقة، فمن ذلك قوله صلى الله عليه و آله و سلم في الفرس: " هو بحر "، فالمعاني الثلاثة موجودة فيه.
ينظر: " البحر المحيط " للزركشي (٢ / ١٥٨)، " سلاسل الذهب " له ص (١٩٠، " التمهيد " للأسنوي ص (١٨٥)، " نهاية السول " له (٢ / ١٤٥)، " منهاج العقول " للبدخشي (١ / ٣٥٤)، " غاية الوصول " للشيخ زكريا الأنصاري ص (٤٧)، " التحصيل من المحصول " للأرموي، (١ / ٢٢١)، " المستصفى " للغزالي (1 / 341)، " حاشية البناني " (1 / 304)، " الإبهاج " لابن السبكي (1 / 273)، " الآيات البينات " لابن قاسم العبادي (2 / 152)، " تخريج الفروع على الأصول " للزنجاني ص (387)، " حاشية العطار على جمع الجوامع " (1 / 399)، " المعتمد " لأبي الحسين (1 / 14، 2 / 405)، " الإحكام في أصول الأحكام " (4 / 437)، " التحرير " لابن الهمام ص (160)، " تيسير التحرير لأمير بادشاه " (1 / 73، 2 / 3)، " كشف الأسرار " للنسفي (1 / 226)، " حاشية التفتازاني و الشريف على مختصر المنتهى " (1 / 138)، " شرح التلويح على التوضيح " لسعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني (1 / 72)، " حاشية نسمات الأسحار " لابن عابدين ص (98)، " شرح مختصر المنار " للكوراني ص (59)، " الوجيز " للكراماستي ص (8)، " ميزان الأصول " للسمرقندي (1 / 527)، " تقريب الوصول " لابن جزي ص (73)، " إرشاد الفحول " للشوكاني ص (22)، " نشر البنود " للشنقيطي (1 / 124)، " لكوكب المنير " للفتوحي ص (39 - 56)، " التقدير و التحبير " لابن أمير الحاج (2 / 2).
(2) الصقل: الجلاء. ينظر: " لسان العرب " (2473).